السمار نصف الجمال: اسرار جمال البنت السمراء

4552

بقلم/ فاطمة صلاح

“السمار نص الجمال” ما أن أصادف هذه العبارة وما شابهها على مواقع التواصل الاجتماعي لا أتردد في فتح التعليقات، فأقرأ وأستمر في تحميل المزيد من التعليقات مندهشة من وقاحة وعنصرية كاتبيها، تعليقات من نوعية “لو السمار نص الجمال فالبياض هو الجمال كله” أو “البياض أحلى طبعًا”.

السمار نص الجمال

منذ أن رأيت الحياة رأيتني مختلفة نوعًا ما عن إخوتي، فقد كانت بشرتي أغمق بقليل عنهم وارثة ذلك من أبي، ولما كنت فتاة صغيرة ذات تفكير سطحي فقد كرهت هذا بشدة، وتأثرت كتيرًا من تعليقات من حولي، وإليكم بعضها:

“إنتى حلوة بس سمرا شوية” وكأن السمار عيب خلقي يعيق عن الجمال.

حينما قصصت لأختي ذات مرة عن شخص معجب بي، فقد كان من ضمن أسئلتها “هو أبيض ولا أسمر؟”، جاوبت بمكر وأنا أعرف الغرض من السؤال “أسمر”، فتسهمت ملامحها وصمتت في حيرة الأم، وأكملت حديثها غير المعجب بتلك العلاقة “حتى تطمئن على النسل”.

– في الفترة الإعدادية قمت أنا واثنتين من صديقاتى باستئجار كاميرا والتصوير بها، وكنت متحمسة جدًا لتلك الفكرة، إلى أن أشارتا بعدم إعجابهما بالصور التي كنت فيها، مقابل إعجابهما بالصور التي صورتها لهما، وحينما سأمت وقلت إنني أكره التصوير، بينما لم أكن كذلك، ردت إحداهما بأن التصوير هو الذي يكرهني .

تعرفي على: تحذيرات من هوس الجمال 

أخي الصغير عابثًا معي: “البنت دي شبهك” (فتاة زنجية).

صديقة أختي ذات المؤهل الجامعي العالي، عندما ترددت في قبول غير جامعي للزواج بها، علقت أمي بشكل غير مباشر حتى لا تتهم بالعنصرية،

بأنها يجب أن تقبل، ليس لأن التفرقة من حيث المؤهل التعليمي عنصرية من نوع آخر، لكن لأنها لا تمتلك بشرة بيضاء وملامح ذهبية تفتن بها تجار الزواج.

وبالفعل تزوجته، وهي الآن سعيدة جدًا معه. ونفس تلك الصديقة نصحت أختي حينما حددنا ميعاد لشراء الشبكة، بأن تهتم بيديها حتى لا تنالها سخرية كالتي نالتها من قريبات زوجها الفلاحات حينها .

تعرفي على: كيف أحب نفسي واهتم بها ؟ خطوات حب الذات وتقديرها والثقة بالنفس

أسرار جمال البنت السمراء

“المهم تكون بيضا.. البياض بيغطي أي عيب”، رأى أحد إخوتي في معايير الجمال .
صديقة صديقتي ذات الملامح الفاتنة والبشرة السمراء، تمنت صديقتي بأن تنال ملامح صديقتها لكن مع بشرتها البيضاء فتصبح أكثر فتنة.

مواقف من تلك النوعية جعلتنى في كل لحظة أكره نفسي وأضع نفسي في درجة أقل من العادي، لأني لست كما أرادوا أن يروا، جعلتني أجرب وصفات عدة دون أي تردد لأصبح في نظرهم جميلة وبراقة، فجربت وصفات بالليمون والبن والبيض والنشا والخل، وحتى معجون الأسنان والأرز،

جعلتني أشتري كريمات للتفتيح وأضع منها على استحياء حتى لا ألفت الانتباه لرغبتي تلك، جعلتني أُفضِّل الألوان القاتمة حتى لا أبرز بشرتي وأتجنب نظرات تحرقني

جعلتني لا أرغب أن أنظر لمرآة، وبجانبي فتاة يرونها جميلة، حتى لا أجعل القلق من نظرتها لي ينتابني، وإن لم تكن تفكر بهذا.

تعرفي على: الخطوات ال20 لحب نفسك لأنها تستحق

تعرفي على: أسرار جمال البنت الفلات

الآن وبعد أن قررت ألا أخجل من الحديث في هذا الموضوع، الذي لطالما أزعجني، ولطالما كممتني حساسيتي المفرطة في أن أعترف بالانزعاج من تلك المواقف، فقد قررت أن أدير المرآة خلفي وأخفف من أعباء عقلي ليتجه لموضوعات هي الأكثر أهمية في وقتي الحالي .

الآن بعد أن كبرت قليلاً وقابلت صنوفًا عديدين من البشر، تأكدت أن الجمال الذي يرى في الإنسانية وتقبل الآخر وإعطاء الكون، هو ذاك الجمال الذي أبهرني وقام بدوره في تغيير فكرتي عما كنت أعتقده قديمًا عن الجمال.

الآن أضع بعض الماكياج، لا لأتنكر في أذيال بشرة أخرى، لكن لأخفي هالات مرهقة وبقع تمثل تنبيه من جسمي بأهمية اهتمامي بغذائي والابتعاد قليلاً عن الشاشات المضيئة ليلاً ونهارًا وحروق الشمس المكدرة، حتى أنني أكاد أطير فرحًا عندما أحصل على كريم أساس أو بودرة لهما نفس درجة بشرتي .

الآن أنا ممتنة لاختلافي ذاك عن معاييرهم العقيمة، حتى يبعد عني تلقائيًا أي عنصري قرر أن يكون فكرته عني وعما إذا كان سيحبني أم لا بنظرة عين.

الآن أراقب هؤلاء وأساليبهم تتغير بالتعامل مع هذه وتلك، بدرجات تتناسب مع ما يقدرونه من جمال فاتن، بعيدًا عن أي عوامل أخرى، فأضحك في نفسي شفقة عليهم وعلى ما تحولنا إليه، وأغادر .أما أنا الآن فأفضل من عقولهم.

حلوة بس سمرا

المقالة السابقةعزيزتي أنغام.. تعرفي حكاية “أوسكار”؟
المقالة القادمة10 أفكار موفرة لحياة ممتعة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا