فخ الحب الأعظم

614

 

بقلم/ ماهيتاب أحمد عبد الباسط

 

من أعمق العلاقات الإنسانية -من وجهة نظري- الحب؛ علاقة سهلة وممتنعة.

كثيرًا ما كان يدهشني بعض الأصدقاء بوضع خطط وتحليلات مستمرة في علاقاتهم مع الطرف الآخر، حتى يصل الأمر إلى أن حرفًا أو مسافة في الجملة المكتوبة بينهما للتواصل تحمل الكثير من التفسيرات.

 

لم أفهم هذه الطريقة إطلاقًا، حتى أنني حاولت أن أصبح محللة لعلاقاتي وفشلت، وبعدها اقتنعت في فترة أن بطريقة حبي لمن حولي خللاً ما، لأنها تسير بشكل لا يحمل مقدمات ولا تفسيرات.

 

من خلال ملاحظاتي لحكايات وتجارب من حولي، وحتى نفسي، فإن الحب والعشق يُدخِلنا في حالة من الرضا والسلام النفسي والشعور بالأمان، ونظل هكذا ما بين شد وجذب ومشاعر، حتى تقع في فخ ظاهره جميل منمق، ولكنه مجرد تجميل لحقيقة مؤلمة، ألا وهي “الحب غير المشروط”.

 

هذا النوع من الحب قد يتناسب -في بعض الأحيان- مع علاقات الدم.. الأم، الأب، الإخوة.. وقد يغذيها، فالأب والأم مهما فعلا دينيًا وأخلاقيًا لا تستطيع أن تواجههما، والأم والأب أولادهما مهما كان بهما عقوق أو خلل تربوي سيظلان ينظران لهما نظرة العطف، لكن هذا النوع من العلاقات مدمر في حالة الحب بين طرفين، وخصوصًا في مرحلة الواقع (الزواج).

 

في بدايته نشعر أن للعطاء طعمًا جميلاً، والمسارعة في إرضاء الطرف الآخر دون انتظار شيء في المقابل، بل إننا نتلذذ بشعورنا بأننا متفوقون في عطائنا، وبالتدريج يصبح الأمر عادة للطرف المِعطاء وطبيعي للطرف المتلقي، وهنا يحدث الصدام.

 

يبدأ الطرف الذي كان يتسارع للعطاء باستبدال شعور أنه ملك العطاء، بأنه أكثر إنسان مظلوم على وجه الأرض، وأنه لا يُقدَّر، وتبدأ مؤشرات السعادة في الانخفاض، حتى تبدأ الشكوى المستمرة بأنه مظلوم، بينما الطرف الآخر لا يفهم هذا الشعور، لأنه لم يُطلب منه شيء منذ البداية، حتى استقر شعوره أن هذا الوضع هو الطبيعي.

 

الحب علاقة متبادلة، قد تصبح فيها في بعض الأحيان اليد العليا المعطاءة، وفي البعض الآخر الطرف المتلقي، مرة تعتذر ومرة أخرى تتقبل الاعتذار. قد تكون المخطئ وقد تكون الظالم، فلا تأخذ دورًا واحدًا وكأنه أمر مُسلَّم به وتطلب من الطرف الآخر أن يكون ما تريده أنت أن يكون.

 

في النهاية.. الحب علاقة بين طرفين، لهما ما لهما، وعليهما ما عليهما. ومن هنا تستمد العلاقة غذاءها لتكبر وتتعمق وتصبح أكثر متانة وقوة.

لا تطلب حبًا غير مشروط لأنه عظيم البدايات، لكنه هش سريع النهايات. تحلُّوا بالصداقة، فهي رمانة ميزان الحب، فلا تجعله أعمى فنصتدم، ولا تجعله روتينًا فنَمِل.

 

وهم الحب غير المشروط

 

المقالة السابقةوأنا لا أرغب في أن أكون أنت       
المقالة القادمةعلي بحر والضرغامي والبرنس.. كله متعلق باللي مش ليه
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا