عزيزي الذي فقد شغفه بي

984

 

بقلم/ آية سعيد

تحية طيبة وبعد/
دعني أخبرك بما ظللت أخفيه عنك طويلاً ونحن على أعتاب فراقنا الأخير.
دعني أخبرك عن ألم الذبح بسكين بارد، الذي أخفيته وراء ضحكة أو دعابة أو صمت، وأنت تروي لي حكاياتك مع إحداهن، أو تصف لي جمالهن وذكائهن في حبك.
دعني أخبرك عن الأيام التي مرت وأنا أنتظر منك ما يطمئنني أنك ستبقى.
دعني أخبرك عن تلك اللحظات التي قُضيت في التفكير عما قد يسعدك ولو لثوانٍ معدودة.

أما عن اللحظات التي لفظت أنت فيها وجعك لي، فكانت تمر عليَّ كالسنوات العجاف، لا أنا قريبة منك فأحتضنك، ولا أنا بالبعيدة فلا أبالي.
هلا أخبرتك بصلواتي التي أقمتها من أجلك؟ نعم، لقد تضرعت إلى الله لكي يهب قلبك السكينة والسلام.

أتعلم ما يقهرني الآن؟ هو أنني شعرت بالخذلان منك! لقد وثقت بك وتمسكت بحبالك إلى أن تقطعت يداي، فلم تُمسك بي. طلبت منك البقاء ولم تبقَ، رجوتك أن تكون معي ولم تكن. سألتك أن تحتوي قلبي وأن تمنحني أمانًا، فتركتني أصارع أمواج الخوف وحدي.
ومع ذلك يعتصر قلبي خوفًا عليك واشتياقًا لك. تبًا لهذا القلب الغبي!

أنا يا عزيزي أبقيت قلبي بعيدًا عن شر الحب، تعمدت أن أهرب به سنوات عمري بأكمله خوفًا من الفقد.
لا تتساءل لماذا أنت، لأنني لم أجد لهذا السؤال جوابًا يُضفي على الأمر شيئًا من المنطقية، ولكن ما حدث هو ترتيب قدر يشوبه بعض من الجنون.

ولكن أليس يا عزيزي من غير الأدب أن نسأل الله لماذا يهبنا نعمة ما؟! فأنت لي بمثابة النعمة التي رزقني الله إياها، فشكرته عليها، ولكنك تغيبت.
لعلني آمنت بوجودها فأسأت دون قصد، فعاقبني الله بغيابك. لكني أعلنت حبي بلا خوف، فعلت كل ما في وسعي لأخبرك عما يدور في عقلي وما يشغل قلبي. وكلما اعتقدت بقربي إليك أدرك أنني لم أصل. وفي كل محاولة أحترق فيها يزداد شغفي وحبي لك أكثر.

عزيزي.. لم أتردد لحظة عندما سألتني، فأعلنتها صريحة بكل ما يملكه قلبي من حب وتملكه روحي من شوق، وأنا بكامل قواي العقلية، نطقت حروفها، فكانت كطوق نجاة ينتشلني من غياهب الكذب والتصنع، فقلتها “أحبك”.. لم أشعر بعار أو خزي، بل شعرت أني أمتلك كل ما على الأرض، وأني حرة أسبح في ملكوت خاص يجمعني بك في مخيلتي.
أيعاقبني الله عن جرأتي أم على تعلقي بود زائل؟!

 

عزيزي البعيد الساكن في.. أتذكُر عندما أخبرتك عن مرضي؟ مرضي هو تعلقي بمن أحببت.
مرضي هو خوفي من الفقد. أخبرتك لأني لم أجد كبرًا في ذلك، أنت الأوحد الذي تمنيت أن أرتمي على ركبتي أمامه، أبكي كما لم أبك طيلة عمري.

كل ما في الأمر أني وددت أن تعي كل الحقيقة، تدرك ما أهابه ويفزعني، فلا تفعله يومًا، خاشية أن تخذلني.
اليوم فقط لي أن أخبرك أن قلبي المهترئ أرهقه الُبعد والتناسي، فلا أنا أقوى على نسيانك ولا أستطيع البقاء.

لا تخف؛ لن أستجدي بقاءك ولن أسألك شيئًا ما حييت، فقط أُشهِد الله أني أحببتك كما لم أحب من قبل، وأنك كنت لي ابنًا قبل أن تكون رجلاً وحبيبًا.
أسأل الله أن يرزقك قلبًا سليمًا ويبدل فزعك وأوجاعك بفرح وطمأنينة، ويلهمني صبرًا وقوة لأكمل وحدي ولأتحمل ما ستفعله أنت بي في بُعدك، وما ستحمله الأيام من وجع.

يا الله.. دعوتك ألا تعاقبني به ولا تعاقبني فيه، فأردت أن تعاقبني به، فحرمتني منه، فهلا رحمتني من أن تعاقبني فيه، فأصلح له قلبه؟
يا الله.. إن قلبي يلجأ إليك فلا ترده ضعيفًا باهتًا.. فأنا لا ملجأ لي سواك.
يا الله.. هب لي ما يُنير روحي وأخرج قلبي من ظُلمات حبي إلى نور عدلك.

 

أكثر ما يقهرني الخذلان

 

المقالة السابقةوالبراقون يكتئبون أيضًا
المقالة القادمةضيف غير مرغوب فيه
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا