طعام.. صلاة.. حب

863

أنتِ تأكلين لتشبعي جوع روحك.

لذا لا تبخلي عليها.

كلي.

استمتعي.

عيشي.

واعلمي في النهاية إن محلات الملابس لديها دائمًا المقاسات الأكبر.

 

مخطئ من ظن أن أقسى الجوع هو جوع المعدة للطعام.. فجوع الروح أقسى وأصعب والعلاج دائمًا ما يكون أعز وأندر.. كنت تائهة فأنقذني الطعام.

 

أرسل الله لي عملاً في شركة تستورد أصنافًا من الخضر والفواكه من العالم كله، فداويت جروحي بالمانجوستين والرامبوتان والبابايا والأفوكادو والليتش. دفنت سواد حزني بين أخضر البروكلي وأحمر الفراولة وأصفر الموز، فأينعت في روحي حديقة حلوة المذاق شاركتها مع الناس أجمعين.

 

وعندما كان الذوق العام يعاندني بزيادة وزني، كنت أخرج له لساني وأشتري المقاس الأكبر.

***

أنتِ تصلين لتصلي لله.

صلي.

ولكن في صلاتك عندما تطلبين من الله أن يسامحك.. لا تنسي أن تسامحي نفسك.

وحبي كل ما حولك.

تحبك الحياة.

 

كان السواد من حولي قاتمًا وكنت أبحث عن بصيص ضوء.. بصيص أمل.. شيء صغير أتشبث به ليصبح للحياة معنى. كنت أسجد.. أطيل السجود.. أصرخ يا الله.. يا الله .. يا الله أنت تعلم ما بي دون حاجة إلى كلماتي فاكتب لي نورًا من عندك. سامحني يا الله.

 

وألهمني الله الحب والعفو.

عفوت عن نفسي ورجوت عفو من لا يرد راجٍ.

أحبب نفسي وأحببت الناس فأنار الله طريقي بالحب، وأحبتني الدنيا.. وأحبتني الحياة. 

 

*** 

أنتِ تقعين في الحب.

يأخذك حبك من نفسك.

تفقدين توازنك الذي جاهدت طويلاً للوصول إليه.

ولكن.. اعلمي أنه في بعض الأحيان فقدان التوازن من أجل الحب هو نوع من التوازن مع الحياة كلها.

 

استغنيت عن البشر واكتفيت بالأشياء. جاهدت طويلاً حتى أصل إلى هذه النقطة. نقطة أن أكتفي. أن يمتلئ كوبي فلا أرغب في المزيد. أبدلت المحادثات التليفونية بقوالب الشيكولاتة. أبدلت رفقة السينما بمقعد وحيد في الصف الأخير. أبدلت مشاوير الصديقات بزيارة المكتبات وتماثيل المتاحف.

 

هكذا وصلت إلى توازني المنشود. إلى راحة عقلي واطمئنان قلبي. وفي وسط هذا الاطمئنان ظهر هو. 

نقطة نور اتسعت فأحالت حياتي ضياءً باهرًا. خفت.. حاولت أن أتوارى.. أن أحافظ على توازني الذي جاهدت طويلاً لأصل إليه.. أن أتشبث بنفسي في مواجهة هوى نفسي وفي النهاية لم أجد حلاً سوى الاستسلام.

ففقدان توازني في حبه كان توازني مع الحياة كلها.

 

وكانت البداية الثانية.

المقالة السابقةومن المسؤولية ما قتل
المقالة القادمةأبي هو السبب

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا