كنا واقفين في البلكونة سوا، وكل الناس كانت في الصالة بعيد، قالي: يلا نلعب لعبة حلوة، كل واحد يرمي الحاجة اللي في إيده، واللي يوصل أبعد يكسب، أنا هرمي الساعة وإنتي ارمي التوكة، واحد.. اتنين.. تلاتة.
بعد ما رميت التوكة، وأنا ببص عليها وصلت لفين، لقيته خارج جري يصرخ، الحقوا.. الحقوا.. دي رمت توكتها من البلكونة.
ده كان أول درس في إنك متصدقش حد، حتى لو كان صاحبك، حتى لو كان بيتكلم ببراءة وعلى وشه ابتسامة، وحتى لو كان عمره 8 سنين بس.
محاولتي إني أفتكر حواديت تانية جابت جوايا جيش من الحكايات المليانة بكدب بريء، أو بكدب للتسالي، أو بكدب من غير سبب.. والنتيجة عقاب، عقاب فوري على حاجة عمرك ما عملتها، وقصتك الوهمية عن اللعبة اللي اتفقتوا عليها مفيش حد بيسمعها.
أيوة أنا مبصدقش حد، حتى لو كان بيقول الحقيقة.
مع الوقت بيبقى فيه رد فعل تلقائي جواك قصاد أي حد بيلمّح ولو من بعيد إنه هو محتاجلك أو بيحبك أو عايز يسعدك ويقرب منك بجد.
بيقولوا إنك لما تعرف نفسك أحسن حياتك بتتحسن وبتعرف تمشي خطوات لقدام.
مرة كنت بشتكي لأختي من واحد بحبه وبعيط.. منهارة في العياط، فجأة لقيتها بتقولي "صفِّي نيتك بس"، مش ممكن أنسى إني بقيت بضحك وسط الدموع، وأنا مش فاهمة هي عايزة تقول إيه.
مع الوقت ابتديت أفهم إن حدوتة الثقة المفقودة مع العالم دي أصعب مما كنت أتخيل، وإن توقّع الخذلان باستمرار بيجيب الخذلان، مش بينقذنا منه. حاجة كده زي إنك تبقى مستني حاجة بقوة ومركز معاها فتحصلك.
أومال همّ ليه لما بيتكلموا عن مرض خطير بيقولوا المرض الوحش؟! عشان اسم المرض لو قالوه كده زي ما هو احتمال ينده للمرض ويخليه ييجي.
كان نفسي أكتب إن حياتي اختلفت كتير، وإني فهمت إن الثقة في الناس مش بالضرورة معناها إننا سُذّج وعُبط أد ما معناها إننا واثقين في ربنا، ومصدقين إننا نستحق حاجات كتير كويسة هتحصلنا بالضرورة. جزء مني مصدق ده وجزء تاني هايم في ذكرياته الخاصة ورافض يقبل الشفا.
من فترة كلمت بنت صاحبتي وقلتلها: أنا حاسة إن رحلتي مع الوجع خلصت، حاسة بنور وحب بيملا قلبي، ومفيش حد هو السبب فيه، حياتي بتتغير للأحسن المرة دي كمان.