شكرًا يا الله.. لأنك الله

2807

عزيزي الله..

لطالما كنت أسمع/ أقرأ الدعاء القائل “اللهم بلغنا رمضان”، فلا أستشعر معناه! فقد كان ردي الدائم “هيبلغنا رمضان، هنعيش، هيجرالنا إيه يعني؟!”، وذلك لأني دائمًا أعيش الحياة لسببٍ وحيد، وهو “قلة الموت”.

 

فقط هذا العام استشعرت معنى الدعاء، فقط هذا العام كنت أدعوك يا الله بكل جوارحي أن بلغني رمضان، فقط هذا العام كنت أشعر أنك ستعاقبني على تقصيري، وستحرمني -بالموت- هذه الفرصة العظيمة، لكنك كنت الكريم المعطاء كما أنت دومًا، ومنحتني تلك الفرصة، فحتى لو مت الآن، يكفيني اليوم الأول، يكفيني استحضار النية، ويكفيني أن مع قدوم الشهر الكريم بات هناك سببٌ للحياة، فلك الحمد يا الله ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، ولك عظيم الامتنان.

 

عزيزي الله..

أفتقد أسباب البهجة، أسباب الفرحة، وأسباب الراحة، فلم أعرف كيف أستقبل شهرك الكريم بابتسامة، لكنك ألهمتني أن أقارن ما بين رمضان هذا العام، ورمضان ما قبله، فوجدت من الأسباب ما يجعلني أستقبل الشهر ليس بابتسامةٍ فحسب، بل بذراعين مفتوحتين على أقصى اتساع، وقلبٍ مملوء بكل الراحة.

فأنا الناجية من بين مطرقة حرب غزة التي كنت خلالها أسمع وأشم وأشاهد الموت المتربص بوطني يوميًا، وسندان تجربة شخصية مريرة ما ظننت قط أني سأنجو منها مطلقًا.

فلك الحمد يا الله على النجاة، نجوت بروحي، وزادتني التجربة قوة، حتى بت ممتنة للوجع، لأنه حطمني تمامًا، لأعيد تشكيلي بالشكل الذي أحب وأرضى.

 

عزيزي الله..

شكرًا يا الله لأنك أنت إلهي، المتحكم في مصيري، فعين الرحمة أنك لم تجعل شأني في يد غيرك، يتحكم في أمري على هوى نفسه وما تملي عليه مزاجيته.

شكرًا يا الله لأن حسابي سيكون على يديك، مما يفتح الكثير من أبواب الرحمة، تلك الأبواب التي ستغلق تمامًا، لو كان الحساب على يد إنسانٍ، فما يدور حولي يشعرني أن الرحمة على يد البشر أوشكت أن تكون صكوكًا تُباع وتشترى.

شكرًا يا الله لأنك طمأنتني أنني سأدخل الجنة برحمتك أولاً قبل عملي، فجعلتني أعبدك محبةً وطواعية لا خوفًا ورهبة.

شكرًا يا الله لأنك دومًا تُخرج لي من العتمة ضيًا، ومن الوجع درسًا، ومن العسر يسرًا، ومن قلب الموت نجاة.

شكرًا يا الله، شكرًا من القلب الذي مات، وبقربك عادت له الحياة.

المقالة السابقةجيران الهنا
المقالة القادمةعن استحضار رمضان.. واستحضاري

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا