سمَّيتها فريدة

936

 

بقلم/ سمر سالم

 

ما زلت أذكر لحظتك الأولى في الحياة، أنتِ اللحظة الفارقة التي بعدها صنعت حياتي.. لحظة سبقتها أشهر، تأرجحت فيها مشاعري بين الشغف لانتظارك وآلام الحمل من تعب جسدي ونفسي.

 

كان ظهر يوم جمعة في التاسع عشر من يناير، استقبلت يومي هذا بكثير من القلق ممزوج بالشغف واللهفة لرؤيتك يا صغيرتي. كانت زخات المطر تدق على نافذتي في صباح هذا اليوم، وكأن السماء ترسل لي خيراتها، وكأن الكون كله يتزين لاستقبالك. توجهت إلى المشفى مع أبيكِ. كنت رغم القلق مطمئنة؛ أعلم أنكِ تأتيني في يوم مبروك وساعة مباركة من الله.

 

لحظات بعدها وقد حانت اللحظة المنتظرة، في غرفة عمليات تعج بالممرضات وأصوات أجهزة حولي أربكتني. ظلت عيناي تتابع حركة الممرضات بسرعة داخل الغرفة، وكأنهن خلايا نحل، تعلم كل واحدة ما لها وما عليها.

 

كانت لحظة توغل فيها الخوف والقلق بداخلي، وبدأت تسيطر على عقلي هواجس كثيرة، وبدأت أتساءل: تُرى هل ستمر هذه اللحظة بسلام؟ تُرى ستكون صغيرتي بصحة جيدة؟ وغيرها من التساؤلات. من التساؤلات التي تسربت في عقلي كتسرب المخدر الذي بدأ يتسلل في تلك اللحظة في خلايا جسدي.

 

لم أفِق إلا على صوت صراخك معلنةً حضورك للحياة. ثوانٍ قليلة أحضرتك الممرضة إلى حضني. ارتعش جسدي وأدمعت عيناي وتعالت دقات قلبي، وامتزجت دموعي بدموعك بدموع أبيكِ، الذي أخذك مني بشوق ليضمك ويهمس لكِ في أذنيك.

 

كانت تلك لحظتنا الأولى يا صغيرتي معكِ.. صغيرتي الجميلة التي سميتها “فريدة” لتكون كذلك صفة واسمًا.

ومن هنا بدأت رحلتنا معًا، وها قد أتممتِ عامك الأول، متى مرّ؟ وكيف مرّ؟ لا زالت التفاصيل السابقة حاضرة في ذهني كأنها حدثت بالأمس.

 

لقد كان عام مليئًا، مزدحمًا، اختلطت فيه مشاعري بين الشغف والحب والخوف والقلق والترقب والتوتر.

لا أخفيكِ سرًا يا صغيرتي، إنني في هذا العام أصبحت أكثر نضجًا، قلقًا، حنانًا، مسئولية، حساسية.. وأقل نومًا وهدوءًا. ولا أخفيكِ سرًا آخر، إنني في هذا العام زارني مرات عديدة غول اكتئاب ما بعد الولادة. لحظات مرت عليَّ ضاق العالم في عيني، ولكن حضنك كان المتسع والأمان، لحظات وقعت في بئر الخوف والقلق الزائد من كل شيء، ولكن ابتسامتك كانت هي الملاذ.

 

صغيرتي فريدة..

لقد كان عام التناقضات، عام الزخم، عام المشاعر المختلطة. بدأ عامي بكِ، وكنتِ وستكونين أجمل عطايا الرحمن لهذا العام.

 

دائمًا كنت أسمع المقولة التي تقول “إن أبناءنا كالصلصال يسهل تشكيلهم”، ولكن صرت أنا كقطعة صلصال وأعدتِ أنتِ تشكيل شخصيتي من جديد.. صرتِ أنتِ أول وآخر اهتماماتي.

أسأل الله أن يرسل لكِ أعوامًا كثيرة مليئة بالستر والصحة والسعادة، وأن تكوني فريدة في كل شيء.. كل عام وأنتِ أميرتي الصغيرة.

بدأ عامي بكِ وكنتِ وستكونين أجمل عطايا الرحمن

 

المقالة السابقةأصعب حب
المقالة القادمةأكثر من مجرد فنجان قهوة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا