سحر البساطة والتمكين في حياة “جليلة”

728

منذ أيام انتشر على الفيسبوك استبيان استخدمه معظمنا كلعبة طريفة يحاول أن يكشف مدى الشبه بينك وبين أبطال المسلسل الرمضاني “ليالي أوجيني”، ملأت الاستبيان بمنتهى الحماس وسعدت للغاية أنني أشبه “جليلة”، تلك الفتاة التي سحرتنا جميعًا في الأيام القليلة الماضية، تزامن ذلك مع رغبتي منذ أيام في الكتابة عنها، أكثر من شدني في هذا المسلسل هي تلك الساحرة المتمكنة من الشغب الحياة.

 

في الحلقات الأولى التي أطلت علينا فيها أسماء أبو اليزيد، “جليلة” في “ليالي أوجيني”، وأنا أفكر في تلك النبتة القوية، كيف ترعرت في صعيد مصر حيث الكثيرات من النساء اللاتي يعشن حياتهن كتابع في ظل رجل ويخترن ذلك عن رضا، وأفكر أيضًا في كل النساء القويات اللاتي كسرن تلك القاعدة.

 

كنت أتابع قصتها مع الجرسون “أمين” منذ بداية المسلسل، وكلي ثقة من حبه وخوفه عليها، ولست واثقة نهائيًا من وقوعها في حبه، كنت أشاهدها على المسرح وهي في عالم آخر، وهو يراقبها بخوف وتوقع لكل ما يمكن أن يحدث، أراهن على شغفها بالحياة وبالغناء، وكسبت الرهان وأذهلتني في الحلقات التالية وهي تخبره بمنتهى القوة باختيارها، وبقوة أكبر ممزوجة بمهارة شديدة عن الفارق بينهما، لم أستطع رؤيتها كقسوة رغم بكاء الحبيب وانكساره وهي تبلغه بأنه مجرد جرسون وأنها مغنية المسرح، وأن يلتزم بمعاملتها بحدود واضحة. قالت هذه الكلمات بقوة دون أن تهتز وبحسم قوي.

 

استطاعت “أسماء” تأدية الدور بمهارة شديدة وببساطة، رغم كونها ممثلة مسرح، وهو ما يعيق بعض الفنانين الشباب عن التأدية ببساطة في الدراما، لكنها نجحت بشكل كبير في التعبير عن الشخصية ببساطة.

وعلى الرغم من عدم افتتاني بصوتها فإني وقعت في غرام ذلك الشغف الذي تغني به، تلك الحياة التي تطل من عينيها وهي تغني.

 

“ليالي أوجيني” مسلسل اجتهد كل صناعه ليظهر بهذا الجمال الفاتن، بداية من المخرج هاني خليفة، ومصممة الملابس ياسمين علي، التي جعلتني أقع في غرام كل هذه الفساتين وأتمنى اقتنائها والعيش في هذا الزمن الجميل، واحتساء القهوة والكرواسون في مقهى “صوفيا” الجميل.

 

هناك العديد من أبطال العمل الذين قدموا أجمل أدوارهم، لكني بصدد الكتابة عن “جليلة”، تلك المرأة الحالة التي تطل علينا من أربعينيات القرن الماضي، لتمنحنا درسًا في القوة بمنتهى البساطة.

القصة ليست الانتصار للحب، لا أعرف ما الذي سيحدث في نهاية المسلسل، وكيف ستستكمل حياتها واختياراتها.

 

لكني أتحدث عن ما فعلته في الحلقات الماضية، هي انتصرت -من وجهة نظري- للحب ـ لن أتمكن من الشعور بلذة الحب دون أن أحب نفسي لأنني أستحق، دون أن أحقق ما أحلم، ما اخترته دون أن يجبرني أحدهم على التنازل ولَيِّ عنقي، وهو ما حاول فعله “أمين” الممثل الموهوب مصطفى عبد السلام الذي أدى الدور هو الآخر بروعة شديدة وبحقيقية تامة.

 

هذا المسلسل قادر أن يمنحنا دروسًا في الجمال عابرة للزمن، حتى هذه الحلقة لا يوجد أي حديث عن التواريخ، نعرف من الكتابات عن المسلسل ومما يحدث في إيطاليا أننا في الأربعينيات، لكن لا توجد أي مظاهر وأحداث سياسية تؤكد ذلك التاريخ، هناك جمال أخَّاذ في الصورة وفي الملابس وحوار الشخصيات مع بعضهم بعض.

 

نحن بحاجة الآن لهذا الجمال، تلك الصورة الهادئة قادرة على النفاذ إلى أعماقنا لتُعبِّر عن قيم مفتقدة، لتعلمنا أن هناك ما يستحق الحياة والشغف.

 

تحية لكل صناع العمل على تلك الحالة التي وضعنا فيها في الحلقات الماضية، وتحية خاصة لأسماء أبو اليزيد الذي سيظل دور “جليلة” نقطة مضيئة في تاريخها الفني ونقلة حقيقية لها.

 

 

المقالة السابقةأحب الطقوس إذا ما استطعت إليها سبيلاً
المقالة القادمة8 أماكن ونصائح موفرة لشراء ملابس العيد لأطفالك

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا