سادس حاجة: ليه بتضربها؟

493

في مشهد من فيلم  why did I get married too

يقتحم “مايك” المطبخ ليخبر ” شيلا” زوجته السابقة بمدى حبه لها ومدى أسفه عليها وكم يتمنى لو أنهم لم ينفصلا أبدًا، وكم سيكون من الجميل عودتهما معًا حتى مع علمه بزواجها من آخر.. يراها وهي تخفق البيض بقوة فيذكرها بمدى حبه لطبخها.

يذكرها بلقطات سعيدة مقتطعة من حياتهما السابقة معًا، يذكرها بمنزلهما الأول، بالسجادة الخضراء في غرفة النوم وبالقرميد الوردي الذي كان يزين الحمام.. يذكرها أنها طلت المطبخ باللون البرتقالي…

 

تقاطعه “شيلا” بأن المطبخ كان أصفر اللون وأنها تتذكره جيدًا.

تتذكره من ذلك الثقب الذي كان في الحائط حين دفعها إليه بعنف.. تتذكر القرميد الوردي وتتذكر أيضًا بقعة الدم الذي نزف أنفها عليه حين ضربها، تتذكر أنها حاولت جاهدة أن تنظف آثار الدماء ولم تفلح.

تتذكرحجرة النوم.. كم كانت باردة! باردة جدًا ولم يكن هناك ضوء.. لا شيء.

وكم كانت في غاية البؤس والإحباط.

 

*****

لا أحد يذكر دموعك.. أو يذكر الحزن والموت البطيء، لا أحد يدرك المعاناة التي تتسلل إليكِ حين تنهال يداه عليكِ بالضرب بكل قوة وقسوة.. لا أحد يعي أنكِ في تلك اللحظات العصيبة ينساب إلى عينيكِ ضباب ينقل لكِ مشاهد قديمة لابتسامته وكلماته الرقيقة وباقات الورود التي ابتاعك بها.. لا أحد يعرف أنه بعد أن يفرغ من الاعتداء عليكِ وبعد أن يهدأ وبعد أن يشعر بندم مؤقت أنه مهما حاول أن يُقبّل كل موضع تحوّل إلى اللون الأزرق في جسدك.. أنه مهما حاول أن يحل كلمات الاعتذار والأسف والحب محل السباب والإهانة اللفظية.. أنه مهما حاول لن يفلح في محو عذابك ولن يبرؤ عنكِ الألم.

ولكني أعرف يا عزيزتي، أشعر بدموعك المتساقطة.. أشعر بجسدك المنتهك وبكرامتك التي تم اغتصابها.

 

*****

“يجب أن نتحد.. فالعنف ضد المرأة أمر لا يمكن السكوت عنه، هناك حقيقة عالمية واحدة تنطبق على جميع البلدان والثقافات والمجتمعات، أن العنف ضد المرأة غير مقبول ولا عذر يبرره مقبول مهما كان، يجب على الرجل أن يعلم أن الرجل الحقيقي لا ينتهك أو يظلم النساء، وأن مكان المرأة ليس فقط المنزل أو الميدان ولكن في المدارس والمكاتب ومجالس الإدارة.. يجب على جميع أشكال العنف أن تتوقف ويجب على الزوج أن يكف عن ترويع زوجته داخل منزلها”.

بان كى مون – الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة.

 

 

“عندما كنت صغيرًا وعندما جاءت سيارة الإسعاف بعد أن اعتدى والدي على والدتي بالضرب المبرح وصلت إلى مسامعي جملة قالها أحد الأطباء.. قال “سيدة ستيوارت.. حتمًا لقد فعلتِ شيئًا ما استفز زوجك وأثار غضبه حتى ينهال عليكِ ضربًا؛ يلزم اثنان لتصير مجادلة”.. كل ما جاء في عقلي الصغير وقتها أن ذلك خطأ، والدتي لم تفعل ما يثير انفعال أبي حد الاعتداء عليها جسديًا بالضرب.. وحتى لو فعلت، العنف ليس خيارًا سليمًا ليقدم عليه الرجل مهما حدث”.

باتريك ستيوارت – ممثل.

 

*******

تخبرني إحدى صديقاتى أنها لم تستطع الاستمرار مع إيذائه المستمر لها؛ أنفاسها تتهدج وهي تتذكر رقته وقت الخطوبة وكيف استمالها ناحيته حتى شعرت بأن السعادة خلقت لهما دونًا عن العالمين.. لم تعد تعرف من هو بعد الزواج، كما نقول في أقوالنا الموروثة “دبحلها القطة”.. ذبحها ولكن بسكين بارد وبصفعات متكررة وبحزام جلدي كان يوجعها إلى درجة انعدام إحساسها به بعد أن تخدر جسدها من الألم.. دموعه بعدها لم يكن لها جدوى.. توسلاته ووعوده بعدم تكرار فعلته، كانت تنظر له من وراء حاجز الدموع غير مصدقة ثم تعود وتسامحه، حتى تتكرر نوبات غضبه من جديد وتتكرر نوبات اعتدائه عليها بأشنع الألفاظ وبأقسى الوسائل المؤلمة، حتى قررت إنهاء زواجهما بعد أشهر قليلة منه، قالت لي إنها لم تعد تعبأ بنظرات الناس وبأحكامهم، لقد انتشلت نفسها من حياة محطمة مع تحطيمه لها.

لن تُبقي على زواج مهين لها حتى لو سمموا أذنها بجملة “ما كلنا استحملنا وياما استحملنا وكلنا اضربنا.. إيه الدلع ده؟!”.

لن تنجب طفلاً يرى والدته ذليلة الجسد والكرامة، لن يشتد عوده ليشبه أباه ذات يوم ويتطاول عليها هو الآخر ثم تهديه لأنثى أخرى ليكرر متتاليات العنف معها.

 

*****

“اكسرلها ضلع” هكذا وصّى الأولين أبناءهم، هكذا أقنعوهم رغم إداركهم بأن الوصاية في الأصل كانت بالرفق بها، فهي هشة كالقوارير وإنها بحاجة لمن يحتوي أضلاعها الرقيقة، فلماذا إذن تهشمها؟ لماذا تنثرها على الأرض متكومة تتألم تبكي وتتساءل “لماذا أستمر؟”؟ حاول أن تلملم شذراتها محولاً إياها إلى ابتسامة مشوّهة تنتج لك أطفالاً كالورود الذابلة ينزوون في حجراتهم يغلقون أبوابها وأعينهم، ويضعون أصابعهم في آذانهم ويعدون من واحد إلى عشرة علّ الوقت يمر وتنتهي أنت وأمهم من الصراخ أو حتى تكف يدك عنها..

ستعد هي الأخرى من واحد إلى عشرة حتى تفرغ منها راجية مع كل صرخة أن تفرغ الحياة منها لتستريح.

 

المصادر: اضغط هنا  و هنا أيضأ

 

 

المقالة السابقةكيف توعي طفلك عن خطر الاختطاف؟
المقالة القادمةسابع حاجة: السند والحيطة المايلة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا