رسالة أمي لي قبل الزواج

1728

 

بقلم/ آية علام

 

كانت أمي تقول لي لا ترفعي صوتك في حضرة أي رجل، حتي لا تخسري مقامك، فيرفع هو صوته ويعاملك نِدًّا له، كوني أنتِ الميزان الذي يضبط كل شيء، حتى إذا تزوجتِ كنتِ أنتِ ماعون الرحمة في بيتك.

 

إذا غضب زوجك تبقين أنتِ هادئة، فيرى ابتسامتك كأنها طوق نجاة من بعيد، فيظل يجاهد نفسه حتى يصل إلى ذلك الطوق إلى أن يهدأ هو، أن تكوني من النساء فهذا شيء عادي؛ هناك ملايين  النساء، ولكن أن تكوني أنثى يهرع إليها زوجها إذا أهمه شيء فهذا شيء آخر لا تتقنه كل النساء، والرجل إن وجد زوجته هي  أنثاه استكفى بها عن جميع النساء، لكن رؤوس النساء صلبة جامدة، وقليلات من يدركن هذا.

 

فمنهم من يستسهلن العند والمكابرة والنِدية ويلتحفن بألسنة حداد وحناجر زاعقة، والويل كل الويل لمن يقع تحت أيديهن، ثم في نهاية الأمر  تجد نفسها قد هلكت وأتعبها ذلك الدور التي لم تُخلَق له.

حتى أنها ربما تفيق يومًا لتجد نفسها مسخًا، لا هي أصبحت رجلاً ولا بقيت امرأة، وحينما تريد العودة إلى فطرتها لن ينسى أحد تلك الصورة  التي بقيت عنها في الأذهان، ستظل تُعامَل كما كانت دومًا، ولن يرفق بها أحد، مثلما كانت هي لم ترفق بحالها دومًا.

 

انظروا قبل الزواج إن كنتم ستقفون على الند، فمن عجز عن التغاضي فهو عن العفو أعجز، وإنما يحيا الناس بالتراحم قبل الود، ويتوادون بالتغافل قبل الحب.

وإن الرجل ليحمي وطيسته فتطفئه الحكيمة، وإن المرأة لتخطئ فيحتملها الحليم، وإن كل ولد آدم في خطأ، وليس كلهم في رحمة، فتراحموا تتحابوا، فإن الحب محصده الرحيم، ومن قعد عن الرفق فهو عن العاطفة أبطأ.

 

وإن المحبه سلوك وحلم، فمن أعجزته صلابته عن خفض الجناح فليكف غلظته عنها، وإنهن عن ضره أغنى،  ومن أسقط خلقها الإحسان في القول، فليأوها سكن أبيها، فإن الرجل فيمن تناطحه أزهد.

فأقصى ما يبحث عنه المرء هو أن يستقر قلبه في مسكنه بلا غربة أو اضطراب، بكلمه واحدة.

يبحث عن الاطمئنان، هو لا يريد العون بقدر ما يحتاج إلى المؤازرة.

ولا يطمح في رفقة بقدر أولئك الذين لم يتركوا مكانهم وقت العوز.

 

لا يريد المرء عقلا إلى عقله..  تلك مهمة سهلة لا يتعذَّر الحصول عليها، لكنه لا يتوق إلى شيء أكثر من قلب يهتم لقلبه ويتمركز حوله، إلى روح يكون هو فلكها الذي لا يترك، وسماؤها التي لا تهجرها النجوم. لا يحتاج المرء -في غمرة ما يحتاج- أشد من هذا الذي ينفث في روعه كلما نظر إليه.. أنا هنا.. وكنت دائمًا كذلك.. ولن أذهب.

 

فنحن لا نتزوج من أجل أن نملأ فراغًا، ولا نتزوج من أجل أن ننسى ماضيًا مؤلمًا، ولا نتزوج من أجل أن ننسى حبًا قديمًا، ولا نتزوج من أجل أن يرضى عنا الناس. ولا نتزوج من أجل الاغتنام بمال وجاه الطرف الآخر، ولا نتزوج من أجل الهروب من العنوسة. بل نتزوج من أجل أن نصبح أفضل، من أجل أن نعزم السير معًا على طريق مستقيم، نتزوج من أجل أن ننشل بعضنا من ضغوط وأعباء الحياة.

لذا فاستعدوا.. وأعدوا.

 

يحيا الناس بالتراحم قبل الود.. ويتوادون بالتغافل قبل الحب

 

المقالة السابقةلماذا تخاف الأمهات من الجنس مع الرضاعة؟
المقالة القادمةنصائح في العلاقة الحميمة: الأشياء المباحة والمحرمة في العلاقة الحميمة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا