بقلم/ مها محمد
لا أخفيك سرًا يا حبيبي أنني عندما علمت بحملي بك توترت كثيرًا، وكنت خائفة جدًا، وعندما مرت أربعة أشهر وأنت بداخلي وشعرت بركلاتك في رحمي لأول مرة وعملت بجنسك أنك ذكر، فرحت كثيرًا وخفت أكثر، فقد وقع على عاتقي تربية رجل في مجتمع يخلط بين الذكورة والرجولة. وقد استمر خوفي هذا إلى أن جاء موعد ولادتك، وأخيرًا حملتك بين ذراعيّ وأرضعتك من صدري، ولا أخفيك أيضًا كم كانت هذه الفترة مرهقة نفسيًا وجسديًا، ولم أجد فيها الدعم المناسب، ولكنها -ولله الحمد- مرت بسلام على أكمل وجه.
ولكني كنت ما زلت خائفة من مسؤولية تربيتك رجلاً، وهنا قررت أن أتعلم، فبدأت كورسات لتنمية المهارات وقرأت كثيرًا عن تربية البنين، واكتشفت يا حبيبي أن الموضوع صعب أكثر من المتوقع، فأنا مطلوب مني أن أعلمك تعبر عن مشاعرك في حين أن المجتمع حولنا يقول إن "الراجل ميعيطش"، مطلوب أن أربيك على تحمل مسؤولياتك كاملة من أول ترتيب سريرك وغسيل الأطباق والأكواب التي استخدمتها وحتى أكبر مسؤولية ممكنة، في مجتمع يقول إن "الراجل ميصحش يغسل ولا يمسح ولا ينضف". وأكدت لي إحدى قريباتي عندما قام ابنها ليساعد أخواته البنات في ترتيب الأطباق، قالت له "ميصحش.. هتشيل والبنات موجودين؟!".
مفروض أن أعملك أنك مثل أختك (إن أتيت لك بأخت) في الحقوق والواجبات، في مجتمع يرى أن البنت أقل من الولد. المفروض إذا أخطأت أعلمك من خطئك، لا تقول "أنا راجل وميجراش حاجة"، بل بالعكس، لأنك رجل يجب أن تحمل مسؤولية خطاياك وتعترف بها وتحاول إصلاحها. أود أن أحبك وأحتضنك في أي وقت في مجتمع يقول إن "الراجل ميتحضنش من مامته".
كل من حولي يقولون لي "ربي ابنك بالشدة والضرب عشان يبقى راجل، ده اللي هيبقى سندك"، لكن في الحقيقة يا حبيبي ولأني أريدك سندًا لنفسك أولاً فلن أكسرك أو أهينك.
صدقني يا حبيبي.. الأمر كله تناقضات، في مجتمع كل لا يعرف سوى أن الرجال قوامون على النساء، وكل حساباتهم قاصرة على القوة المادية أو الجسدية، لكن ما أريد أن أعلمه لك أن القوامة لها معانٍ أكبر وأسمى، فهي تشمل الرعاية والحماية بكل سبلها ومعانيها.
سأحاول قدر ما أستطيع أن أربيك رجلاً وليس مجرد ذكر، لتصبح عملي الصالح في الدنيا، وربما يمكنك عمل فارق، ويعرف الناس من خلالك معنى الرجل الحقيقي.
لست أدري هل ستقرأ هذا أم لا، ولكنك عندما تقرؤه أودك أن تعلم أني جاهدت كثيرًا من أجل أن تصبح رجلاً حقيقيًا.. من أجلك أنت.
مع كل حبي يا حبيبي.