بقلم/ مها متولي
ما زال مصطلح مجموعات مساندة ودعم نفسي يختلط عند البعض ويرتبط فقط بالمرض النفسي والمرضى النفسيين، وأن من يقوم به هو فقط الطبيب النفسي، ومن واقع تعاملي مع مجموعات دعم المدمنين المتعافين وأيضًا حضوري لحلقات الدعم لمرضى الاكتئاب وحلقات دعم "احكي يا نون"، دارت في رأسي أسئلة، وأسئلة أخرى تعرضت لها، لكن أكثر سؤالين لا تكاد تقريبًا تخلو منهما أي دئراة هما من الشخص المؤهل لإدارة حلقه الدعم؟ وكيف يفيدنا الحكي؟ ومن واقع تعاملي سأحاول الإجابة على السؤالين في هذا المقال.
من هو الشخص المؤهل لإدارة حلقة الدعم؟
يعتقد البعض أن من يستطيع الإشراف على حلقة الدعم هو فقط الطبيب النفسي أو المُعالج، لكن في حقيقة الأمر يختلف الوضع حسب لمن تُقدم هذا الدعم، فطبقًا للمركز المرجعي للدعم النفسي والاجتماعي التابع لمنظمة الصليب الأحمر الدولية، ينقسم هرم الاحتياجات النفسية الاجتماعية إلى أربع مستويات.
- احتياجات أساسية: وفيه يقوم الداعم بتقديم الاحتياجات الأساسية، كالمأكل والمأوى والملبس، ويكون هذا النوع جليًا في حالات الكوارث الطبيعية أو الحرائق.
- المستوي الثاني هو الدعم من قبل الأسرة والمجتمع: فكل منا يستطيع أن يكون داعمًا لأسرته وأصدقائه، ونجد هذا في حالات الوفاة مثلاً.
- المستوي الثالث: هو الدعم المركز وغير المتخصص، عندما يرتكز الدعم النفسي حول فئة معينة لها نفس الاحتياجات، أو يربط بينهم عامل مشترك، ويكون الداعم هنا ليس طبيبًا نفسيًا أو مُعالجًا، لكن يمكن أن نطلق عليه الداعم أو الميسر، وهو شخص له شروط معينة تؤهله للإشراف على حلقة الدعم، منها أن يكون قادرًا على بناء اتصال داعم، ولديه قدرة على الإنصات دون إصدار أحكام أو توجيه أو وعظ.. ويظهر هذا النوع من الدعم في مجموعات دعم المدمنين المتعافين أو مجموعات دعم للنساء مثل "احكي يا نون".
أما المستوى الرابع هو الدعم النفسي المتخصص: وهذا ما يقوم به الطبيب النفسي أو المعالج عندما تحتاج المجموعة علاجًا أو إشرافًا من قبل متخصص.
إذًا ليس كل من يقوم بالدعم النفسي هو طبيب أو معالج نفسي، ولكن يمكن أن يكون داعمًا نفسيًا له صفات وشروط معينة تؤهله لذلك.
لماذا نحكي؟
"أغلب الناس لا يحتاجون إلى علاجٍ نفسي، بل يحتاجون إلى صديقٍ يستطيعُون أن يصبحوا معَه حمْقى دون أي تفكير" - روبرت برولت.
كلما جلست داخل دائرة دعم وعندما يبدأ الداعم إلقاء شروط المجموعة، والتي هي جزء منها عدم التعليق أو الإجابة على الأسئلة أو تقديم نصائح أو وعظ، عندها لا بد من مواجهة سؤال، إذا لم أجد من يبدي إليً النصيحة إذًا فلماذا أحكي؟!
عندها تظهر أمامي كلمات روبرت برولت.. نعم أغلبنا لا يحتاج إلى طبيب نفسي، ولكننا في أمس الحاجة إلى من ينصت إلينا ينصت إلى أوجاع روحنا والأهم أن ينصت إلى حماقتنا دون إصدار أحكام عليها أو علينا، نحكي لأننا بحاجة أن نظهر نصفنا السيئ والضعيف الذي نخفيه خلف تلك الابتسامة دون خوفنا من الرفض. نحكي داخل دوائر الدعم لأننا بحاجة إلى القبول. نحكي لتتلامس أرواحنا لنجد من يشبه روحنا. نحكي لأننا بحاجة لاختبار مشاعرنا وأن نفهمها ونسميها في محاولة منا للوصل إلى أعماق أرواحنا، لتستعيد شغفها أو ربما لنكتشفه من جديد. نحكي لأننا بحاجة للأمان. نحكي لأننا بحاجة للحياة وفي الحكي حياة.
في النهاية حلقات الدعم والمساندة لا تملك حلولاً لمشاكلاتنا وأوجاعنا، فهي ليست بساحر، لكنها وسيلة لنخرج خارج دوائرنا الخاصة ونجد طريقنا بأنفسنا.