حتى المشاهير يُعانون من الاكتئاب

1824

الصورة من الخارج لا تُساوي بالضرورة الحقيقة الكامنة بداخل كل منا. ينظرون إلينا فيرون النِعَم التي لدينا، فيكتفون بالإيماء، أو رُبما انبهار تصحبُه غبطة، وأحيانًا قد يصل الأمر إلى الحسد، لكن لا أحد يعلم حقيقة ما يدور بأعماق الروح، وكيف يُمكن للمرء إذا ما أصابه الاكتئاب أن يصبح غير قادر على معايشة الحياة، إلا من خلف نظارة سوداء تُزيح كل الامتيازات لديه من الرؤية، حتى تبات القُدرة على الاستمتاع شبه مُنعدمة.

 

ولأن الاكتئاب لا يُفَرِّق بين أحد، فالكثير من المشاهير رغم كل ما يملكونه من شُهرة وما يبدو عليهم من سعادة، كانوا مرضى بالاكتئاب يومًا ما، وهو ما قد يستعجبه الذين لا يرون منهم سوى صورهم على السجادة الحمراء، ولا يسمعون عنهم سوى أجورهم.

 

من هؤلاءالمشاهير:

 

روبين ويليامز

لروبين مَعَزَّة خاصة بقلب جمهوره ومكان لم يصل إليه سواه، إذ اعتادوا على الضحك بسببه صغارًا، ثم كبروا ليُدركوا الرسائل الإنسانية خلف أعماله الكوميدية، لذا جاء خبر انتحاره بــ2014 صادمًا لمحبيه من جهة، ومن أخرى لهؤلاء الذين يصعُب عليهم استيعاب كَون الكوميديين بالتحديد قادرين على الاكتئاب، فقليلون من يعلمون أن البعض يلجأ للفكاهة كحيلة دفاعية و”كاموفلاج” يختبئون خلفه.

 

أما عن روبين نفسه، فلقد عانى كثيرًا بسبب الاكتئاب، والذي كان أحد أسباب إدمانه للكحوليات، علمًا بأنه قبل وفاته بقليل تم تشخيصه بمرض باركنسون/ الشلل الرعاش، والذي قيل إن الانتحار جاء نتيجة أعراضه، سواء الجسمانية أو النفسية، والتي كان الاكتئاب أحدها.

 

جي. كي. رولينج

مؤلفة هاري بوتر، وأول امرأة بليونيرة بالعالم، تحصل على كامل ثروتها من الكتابة، لكن هذه النتيجة لم تصل إليها رولينج بسهولة، بل عانت قبلها كثيرًا، بدايةً من وفاة والدتها بأوائل التسعينيات، ثم عملها كمعلمة بالبرتغال وزواجها من أحد الصحفيين هناك، لتُنجب ابنتها، ثم تستحيل العشرة بينها وبين زوجها، فتهرب للسفارة البريطانية من أجل إعادتها لوطنها.

 

وهناك عانت رولينج من الفَلَس والبطالة والوحدة، كل ذلك أدى إلى إصابتها بالاكتئاب، ما جعلها تُفكر كثيرًا بالانتحار. لم يُنقذها سوى شغفها بالكتابة، لتظل على مدار خمس سنوات تؤلف الجزء الأول من سلسلة هاري بوتر، التي غيرت حياتها وحياة الكثيرين فيما بعد.

 

جيم كاري

https://vimeo.com/226379658

ممثل كوميدي آخر معروف باختياره الأدوار غريبة الأطوار. عانى جيم كاري من مرض الاكتئاب بعد زيجتين فاشلتين، وقد اعترف أنه ظل مواظبًا على عقار “البروزاك” فترة طويلة، وإن كان العلاج ساعد في تحسن حالته، لكنه لم يكن السبب الوحيد لشفائه.

 

فبعد بعض الوقت اكتشف عدم قدرته على الاختباء للأبد، وأنه لا بد أن يواجه الحياة مُنخرطًا مرة أخرى بالمجتمع، بجانب مواصلة أداء مهنته، وبقدر صعوبة الأمر، لكنه جاهد للخروج من تلك الكبوة، وقد شاهدنا مؤخرًا كيف استغل كاري طاقاته بلوحات فنية من أجل التواصل مع نفسه أكثر، لوحات كشفت عن مواهب لم نكن نعرف أنه يملكها، ورُبما هو أيضًا لم يكن يعلم ذلك.

 

ديانا

الأميرة ديانا.. رغم كل ما كان لديها من شهرة ومال وحُب ملايين البشر لها، لكن حياتها كانت بائسة لأقصى درجة، وهو ما يُمكن إدراكه بمجرد النظر إلى صورها. عانت ديانا من صور مختلفة من الاكتئاب لأسباب متعددة، تنوعت بين اكتئاب ما بعد الولادة، واكتئاب بسبب اضطرابات الطعام التي لديها، والأهم ذلك الذي تَولَّد بسبب زيجتها الفاشلة من رجل، على مكانته وما وفره لها من مُتع الدنيا، إلا أنه لم ير فيها امرأة حياته، مُفضلاً عليها امرأة أخرى، ما كسرها للأبد.

 

المؤسف أن الاكتئاب لم يكن وحده ما أذى ديانا، كذلك فعل شعورها بالخزي لأنها غير قادرة على مساعدة نفسها والخروج من هذه الدائرة بمفردها.

 

ليدي جاجا

تلك النجمة التي تبدو قوية جدًا ومُسيطرة على كل شيء، اعترفت مؤخرًا أنها عانت طوال حياتها من الاكتئاب والأرق، وأن كَون الشخص نشطًا اجتماعيًا أو من خلال الإنترنت لا يتناقض على الإطلاق مع كونه يشعر بالوحدة ويُفَضِّل العُزلة، ولأنها اختبرت ذلك جيدًا قررت من خلال مؤسستها مساعدة مَن يُعانون مِن نفس المشكلة.

 

هيث ليدجر

ممثل آخر رحل شابًا ليُصاب جمهوره بالفجيعة. توفي ليدجر بيناير 2008 إثر تناوله جرعة زائدة من المسكنات والمنومات، يُقال إن تلك الجرعة غير المحسوبة حدثت عن طريق الخطأ ولم يكن مقصودًا منها الانتحار، وإن كان ذلك حدث على أثر إصابة ليدجر بالأرق بعد معاناة ليست بالهينة من الاكتئاب، بسبب انفصاله عن النجمة ميشيل ويليامز والدة طفلته ذات العامين.

 

أنجيلينا جولي

ممثلة ناجحة، أم لستة أطفال، وأيقونة الجاذبية لدى الكثيرين، وعلى ذلك عانت أنجيلينا خلال مراهقتها والعشرينيات من عمرها من الاكتئاب، لكن الأمر زاد بشدة بعد وفاة والدتها في 2007، مؤديًا إلى الكثير من الأفكار السوداوية. وفي محاولة ذكية منها لكسر نمط الاكتئاب الذي تدور فيه، قررت الموافقة على الاشتراك بعمل فني يتطلب مجهودًا بدنيًا كبيرًا، ذلك لأن بذل المجهود العضلي من شأنه أن يُشتت العقل عن الأفكار السلبية التي تُراوده.

 

إيلين ديجينيريس

إعلامية وممثلة وكاتبة تتميز بالحس الكوميدي العالي جدًا، انقلبت حياتها رأسًا على عقب عام 1998 بعد إعلانها مثليتها الجنسية، وهو ما جعلها تخسر عملها وتتعرض لهجوم شنيع من الكثيرين، أدى إلى إصابتها بالاكتئاب الحاد، لكنها لم تيأس وظلت مُحافظةً على حسها الكوميدي، ما جعلها تعاود العمل مرة أخرى بعد سنوات قليلة.

 

أوين ويلسون

ممثل كوميدي لطيف، حاول الانتحار عام 2007، وهو ما صدم  أصدقاءه وزملاء مهنته، ليُعلن أوين مُحاربته لسنوات  الاكتئاب والإدمان مُعتمدًا على نفسه فقط، وبسبب عجزه وشعوره بالفشل أقدم على الانتحار. لحُسن الحظ فشلت تلك المحاولة ما منحه فرصة ثانية مع الحياة، فرصة لجأ فيها أوين لأطباء مُتخصصين، بجانب الدعم الهائل الذي حصل عليه من أسرته والمُقربين له، ما ساعده على تجاوز تلك المرحلة وعدم خسارة مهنته.

 

جوانيث بالترو

أنجبت جوانيث طفلتها الأولى عام 2004 وكان حظها جيدًا بما يكفي لتستمتع بتجربة الأمومة، وحين أنجبت طفلها الثاني بعدها بعامين فوجئت بشبح الاكتئاب يُخَيَّم على حياتها، حتى أنها وصفت حالها قائلةً إنها كانت تسير كالــ”الزومبي”، ولأن تجربتها الأولى كانت إيجابية لم تتوقع أن ما تُعاني منه هو اكتئاب ما بعد الولادة، ذلك لأن تصورها عنه كان مُختلفًا تمامًا عما يعتريها، ومع البحث والاطلاع اكتشفت أن هذا النوع من الاكتئاب له درجات عديدة، وأن ما لديها هو أحد درجاته بالفعل.

 

وينونا رايدر

ممثلة معروفة تعرضت للاكتئاب في التاسعة عشر من عمرها، بعد انفصالها عن النجم جوني ديب، كان هذا أول انكسار عاطفي بحياتها، ما أصابها بالاكتئاب والأرق وجعلها تُدمن الكحوليات لفترة، وقد وصفت وينونا تلك المرحلة بأنها كانت صعبة ومليئة بالاضطرابات، ليس بسبب حالتها النفسية فحسب، ولكن لأنها هي أيضًا كانت تُصدق الصورة المثالية التي يراها عليها الجمهور، ما أدى إلى استنكارها أن تكتئب وهي تملك كل الامتيازات الأخرى بحياتها.

 

النقطة الفارقة كانت حين سقطت بالنوم مع سيجارة مشتعلة أدت إلى نشوب حريق، هنا اتخذت قرارًا باللجوء لمتخصص يساعدها على عبور هذا النفق المُظلم.

 

ماثيو بيري

أحد أبطال مسلسل Friends، والذي ظل على مدار عشر سنوات كاملةً يُضحكنا من خلال شخصية “تشاندلر”. الغريب أن ماثيو وصف تلك الفترة بأنها أسوأ عشر سنوات بحياته وأكثرها وحدةً، ما أدى إلى إصابته بالاكتئاب، والذي أدى بدوره إلى الإدمان، كان يُمكن أن يظل مثيو سجين هذه الدائرة للأبد، لولا أن الإعلام والصحافه أعلنا إدمانه، ما اضطره للوقوف قليلاً من أجل إعادة حساباته والبحث عن علاج حقيقي وجذري.

 

المصادر:

1

2

3

4

5

6

7

 

 

المقالة السابقةقصتي عن الفقد والاكتئاب
المقالة القادمةاللقاء الثاني
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا