ما أثر الصمت على العلاقات، وهل الصمت يقتل الحب فعلا!

2739

“الصمت يولِّد الحزن”.. حقيقة مجربة.

في حياة كل منا إنسان عندما نتذكره لا نعرف كيف نصفه، هو صامت للدرجة التي تشعر معها أنه غائب، ليس معنا، ليس أكثر من كرسي مشغول في المقهى، رقم نطلبه في أعياد الميلاد وسهرات الـmovi nighet، حتى أننا إذا طلبنا طعامًا نعرف مسبقًا ما سيأكل، لأنه لن يجتهد بكلمات جديدة لمجرد تغيير طعامه.

 

في الأغلب نعتاد على الصمت منذ طفولتنا، آباء صامتون، وتليفزيون تدور به الصور والأحداث، معلمون لا يردون على اندهاشاتنا، ويكبتون كلماتنا البسيطة. بدلاً من أن يعلموننا الكلام يخرسوننا، لا نستطيع السؤال، ولا نجد أجوبة، لا نتبادل الحديث أثناء الطعام، ولا قبله ولا بعده. نكبر ونحن صامتون لكن رؤوسنا مشتعلة بالسؤال والبحث، نخطئ أكثر من غيرنا، لأننا نجرب أكثر منهم، وربما هذه الحيلة التي نقوي بها أنفسنا، نحن نعرف أكثر من هذا الثرثار، نعرف لكن لا نقول ما نعرفه، فينبذنا البعض، ويكرهنا البعض، ويستخف بنا الكثيرون.

 

 

 

نكبر بهذا الصمت، نربيه بداخلنا، فكلما كبرنا توطدت علاقتنا به، ليستحيل أمواجًا تهشم أرواحنا، ووحوشًا تلتهم علاقاتنا بالآخرين وبأنفسنا. أول اختبار حقيقي للصمت يحدث في علاقة طويلة الأمد، الزواج مثالاً، نكبر ببيت أبوينا، ونأخذ ما تعلمناه معنا حتى لو كنا نكرهه، نأخذ الصمت في كيس بلاستيكي قابل لإعادة التدوير، فكما ورثناه سنورِّثه يومًا ما، أو ربما نكون قادرين على الترفق بالطفولة.

 

في البيوت الصامتة، يكون الشتاء أكثر قسوة، والمطر يصبح مرعبًا أكثر، المطر الذي كنا نُغرِق ملابسنا به ونعرف أننا سنمرض، كنا نمرض لأيام ونتعافى بإرادتنا كي نلحق بالأمطار القادمة، لكن عندما نكبر نخاف من ألا تطلع الشمس، نخاف أن نبرد، فرعشة البرد التي لا تقاوم بحديث طويل وكوب من القهوة أو البيرة الدافئة لا يستطيع أي جسد تحملها مهما كانت قوته.

 

 

 

الصمت والإنكار يجلبان المرض، الصمت وحده من الممكن التغلب عليه، أما الإنكار فلا تقدر عليه غير يد الله، أن تغرق في بئر المحبة دون وعي. أن تكون مُعَذبًا وتبذل عطاءً بلا حدود تلك هي المصيبة. أن تنكر أنك هنا وحدك وداخل رأسك ملايين الأفكار المتدفقة كانفجار نجمي لا يقوى الكون عليه، وتقنع نفسك أنك صلب وأنت في الحقيقة مصلوب، لا تستطيع مواجهة أفكارك ودماغك المظلم.

 

ربما تبدأ بالمسكنات لكن مفعولها لن يدوم، حتمًا ستحتاج مهدئات ومنومات، ستجرب الأعشاب الطبيعية وجلسات التأمل، ستجرب حتى الحكي مع الأصدقاء لتجد أنك تدفع نفسك دفعًا ولا تستطيع أن تقول ما تريد حقًا قوله، تقول عبارات مقتضبة كـ”كيف حالك؟” و”ماذا تفعل الآن؟”، و”احكِ لي”، ليس استعدادًا للسماع وإنما لتثبت لنفسك أن الآخرين يحملون عواصف بدواخلهم مثلك، لكنك في النهاية تقضي سهرات في هز الرأس، وما يدخل من أذنك اليمنى يخرج من اليسرى، لأنه لا يوجد سنتيمتر واحد يمكنه استقبال معلومات جديدة في رأسك، ولا تستطيع الترفق بنفسك في العاصفة التي تدور وتقتلع بقاءك من جذوره، وتهدئ جسدك الذائب في دوامات من الأتربة والنيران.

المقالة السابقةواحتارت المرأة بين الضعف والقوة
المقالة القادمةبيوت الروح

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا