الوعي يُغيرنا.. يُغيرنا تمامًا

4194

 

بقلم/ سمر درويش

 

المجتمع النسائي يتميز الآونة الأخيرة بعلو وعيه، فلا يقر الإنسان بخطأ ما أو فشل أصابه إلا بوعيه الخاص لأمره، فلا نصج يجدي حينها ولا ذم، وكلما زاد وعيكِ بحياتك زادت رغبتكِ بالتطور فيها، وتلك العلاقة التناسبية طردية الحدث ونتاج النضج ووليدة البصيرة.

 

فما هو الوعي؟

الوعي هو إدراكِ ما تفعله، وعكسه الإنكار، وهو شعورك بأن ليس عليك فعل شيء، فكل الأمور على ما يرام، فالتجارب هي التي تبني الإنسان، والصدمات تزيدكِ قوة أو تجعلكِ هشة غير قادر على مواجهة الحياة.

 

فالواعي ناضج ومدرك لكل شيء يحدث حوله وكل ما يدور بداخله، يعرف ما يريد وكيف يحصل عليه، يمتلك من الثبات الانفعالي ما يقويه على الأيام.

“إن الوعي يغيرنا.. يغيرنا تمامًا”.

 

لم أقابل أحدًا الفترة الماضية منذ أواخر 2015 إلا وكان حديثنا أو جزء ليس بقليل منه عن كيف غيَّر وعيه للأمور مصيره وقدراته، وكيف كان النضج أحد عوامل ربحه النفسي.

إن الوعي والنضج جزء لا يتجزأ، فالناضج واعٍ، والواعي ناضج بما يكفى لإدارة حياته والتخطيط لمستقبله.

 

ولكن كيف يتشكل لدينا الوعي؟

إن التجارب التي نعيشها ونتعلم منها وتُعلِّم فينا تُخرِج منا الجزء الأعمق في الروح، ومن هنا يتشكل الوعي ويصبح الإنسان ناضجًا انفعاليًا يتقبل أحداثه بشكل مختلف عن ذي قبل، فالناضج يمتلك البصيرة الصائبة، تلك الرؤية المسبقة لحدوث الموقف دون أن تتوفر لديه كل المعلومات، فنور الله وخبرة الإنسان يرسلان له الضوء الكافي للسير في الطريق الصحيح، فالنضوج هو الرؤية الأعمق والأبعد من حدود الرؤية البصرية.

 

النضوج هو البصيرة.

وما نتائج علو الوعي عند الإنسان؟

وعي الإنسان لما يدور حوله من أحداث يسهم في إكسابه الذكاءات المختلفة والرؤية العميقة والحس السادس تجاه الأشياء، وأيضًا هناك عوامل أخرى تكسبنا وعيًا أفضل، كالبيئة الأسرية والمجتعمية المحيطة بنا.

فأغلب الناجحين والمغيرين في العالم نشؤوا في أسر تكاد تكون معدومة، ولكن جعل من اللا شيء كل شيء بإصراره وحبه وتطلعه للأفضل.

 

وهناك أسر تملؤها المشكلات وتجد من بينها شخص يحيا بسلام، لأنه قرر أن لا يكون مثل هؤلاء. ويوجد نماذج من العائلات التي تقوم على أساس الوعي والحكمة، فنجد الصغير فيهم يشبه الكبير في حكمته ووعيه.

 

كما أن المجتمع بما يقدمه لك كل يوم يجعل منك إنسانًا آخر، والذي يستسلم للمجتمعات الفقيرة أخلاقيًا وثقافيًا يلقى بنفسه بكامل إدراكه للتهلكة.

 

وكما نرى مجتمعات لم نسمع عنها في العقود الماضية وأصبحت الآن من أفضل النماذج في بناء الوعي، وانعكس ذلك على جميع أفرادها، فالإرادة القوية للإنسان هي ما تبني النجاح وهي الدافعية والمحرك نحو كل سلوك جيد يسلكه الفرد، ومن هنا يعزز في الشخص رغبته للتغيير للأفضل مما هو عليه الآن.. وتعلو همته ويزداد تقديره لذاته.

 

يقول د. إبراهيم الفقي:

“إننا لكي نستمتع بالحياة ليس علينا أن نغير الدنيا، فهي جميلة بما يكفي، كل ما علينا فعله أن نتغير نحن، ويتغير أسلوبنا في الحياة”.

فعندما يعي الإنسان حياته ويعرف وجهته فيها يتغير في الشخص الكثير من الجوانب ويعبئ طاقته من جديد ليخفف أثر ضغوط الحياة.

 

وأيضًا يكسبنا الوعي الصلابة النفسية في أساليب تعاملنا مع ما يحط بنا، ونتحمل مسؤولية ما يدور من أحداث، ولا يلقى اللوم على أحد.

فيتبدل به الحال من دور الضحية لدور المسؤول الواعي عن نفسه وأهدافه وحياته، ويبدأ في تعديل شراع الضغوطات والانزعاج الذي يشكو منه لرؤية أشياء أعمق، يتخذ حينها موقف المواجهة لا الاستسلام.

 

وأيضًا يكسبنا القدرة على التحكم في زمام الأمور ومجريات الأحداث، ويمدنا بالشجاعة والدافعية، فيتحول كل شيء يشوب نفسك وعلاقاتك لبدايات وفرص جديدة مع نفسك والآخرين.

 

إن المواجهة التي نتعلمها بنمو الوعي تمدنا بالصمود اللازم لمواجهة الأحداث، فمواجهة النفس تزيد من الإدراك وتجعل التأثيرات السلبية للعقل أقل في الحدة والأثر.

 

وأيضًا على المستوى الاجتماعي تضع لنا الأشخاص فيما يستحقونه في قلوبنا دون ظلم أو مظلمة لأحد، تغلق أبواب الظنون وتحمي القلب من عتمة تأنيبه.

وسنتحدث معكم في مقالات لاحقة عن كيف ننمي الوعي لدينا.

 

 

فما هو الوعي؟

 

المقالة السابقةمش هنفرح بيكي؟!
المقالة القادمةوآخرتها؟!
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا