النور.. وجدتي

424

جلست في هدوء أتأمل… شعاع نور يسقط على وجه جدتي في الظلام…

يرسم تفاصيل وتجاعيد وجهها في جمال بارع.. وهي تمسك بيديها الخيط والإبرة… لتصنع لنا معاطف جميلة للشتاء.. صورة التقطها لها منذ عامين.. لأشارك بها في إحدى المعارض الخاصة بعنوان “النور”.

فقد كانت نوراً في بيتنا لم نشعر بقيمته إلا بعد أن رحلت..

نعم أتذكرها بكل الحب، كيف فقدت نور إحدى عينيها وأصبحت ترى بعين واحدة، ورغم ذلك كانت لا تكف عن الشغل بالإبرة لتصنع لنا المعاطف الشتوية الجميلة، التي كنت أدرك في نفسي أنها تصنعها فقط لتسعدنا،

بالرغم أننا كأسرة قليلاً ما كنا نفكر في إسعادها، كم كنت جميلة يا جدتي، وكم كنا نحن قساة، لم نكن  نجلس معك، لم نكن نحرص على الكلام معك، لم نكن نصغي لك كثيراً، كل منا كان مشغولاً بنفسه، وقد كان قلبك الرقيق ينبعث منه الحب بلا تذمر أو شكوى…..

قَطَعَ تأملي وتفكيري طفلي الصغير بصوته العالي.. ماما من فضلك ابتسمي!..

رفعت وجهي لأجده يلتقط لي صورة بكاميراته الصغيرة!!!.. ويقول صورة رائعة يا ماما.. يسقط على وجهك شعاع نور، يظهره بشكل جميل.. سأشارك بهذه الصورة في معرض المدرسة، أعتقد أنها ستأخذ الجائزة الأولى.. وذهب ليضعها على جهاز الكمبيوتر.

ابتسمت في نفسي وقلت، يبدو أن الأيام تعيد نفسها يا جدتي!.. يا ليت ابني يتذكرني بالخير كما أتذكرك اليوم، يا ليتني أكون مثلك، أكون كشعاع نور، يرسم تفاصيل الحب في حياة أبنائي..

كما فعلت أنت سابقاً بمحبتك في حياتنا.. ما أجمل أن نكون كالنور بمحبتنا.. في حياة من حولنا…

المقالة السابقةدور يا زمن و خُدنا فى دايرتك
المقالة القادمةقلب الفراشات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا