أفضل نصائح لنجاح العلاقة العاطفية بينك وبين شريك حياتك والمسافة الآمنة بينكم

2990

يقلم/ كارين عزت

في ليالي الشتاء القارسة البرودة، تقرر جموع القنافذ أن تقترب من بعضها بعض، لتستدفئ وتواجه شدة الظروف الجوية معًا. وكلما اقتربت أكثر، يبدأ شوك كل منها في وخز القنفذ صديقه، ومن ثَمَّ جرحه، فسرعان ما ينفر القنفذان من بعضهما بعض. فيعودا غير قادرين كل بمفرده بالصمود أمام هذا الصقيع، فيعودا يقتربا، ولكن ذلك الوخز المؤلم يجعلهما يتراجعا أيضًا، وهكذا. (1)

قال أحدهم “إن ثاني أصعب شيء في الحياة هو المخاطرة في إقامة علاقة حميمة، والانخراط في مسيرة نمو مع شخص آخر. إنما الأصعب هو أن يعيش الإنسان وحيدًا”.

لقد تعودنا من الطبيعة أن نجد فيها مرآة تعكس تحدياتنا وصراعاتنا الداخلية، وهنا في معضلة القنافذ هذه وجدت أعظم مرآة للصراع، أو البندول الذي غالبًا ما نتأرجح بين أحد طرفيه في أي علاقة حميمة، فأحد طرفيه هو الاقتراب الشديد بلا ضوابط ولا روابط ولا حدود وقيم تحكم العلاقة، فينتهي الأمر بالألم الذي يدفعنا للهروب والاعتزال، وهذا هو الطرف الآخر من البندول. ثم نجد أن الوحدة تأكل كل ما لدينا من شغف وحماس، ونجدنا نحتاج لآخر، ونحتاج لدفء المشاركة والقرب، فيدفعنا الاحتياج للقرب مرة ثانية سواء في نفس العلاقة أو في علاقة جديدة… وهكذا.

عزيزي القنفذ.. لا تواجه الصقيع وحيدًا

قد يكون الاعتزال هو القرار الأسهل. والاعتزال لا يعني بالضرورة عدم وجود علاقات في حياتك، فقد تكوني في علاقة، بل وتحبين شريكك، ولكنك في عزلة عنه، أي أنك تخشين التعبير عن نفسك بعمق، وكل منكما يحاول الهروب من أي حوار سيتعرَّى فيه أمام الآخر، يتعرى فيه من أي حيل دفاعية يحاول ستر ضعفه وراءها، يحاول أن يظهر كما يحبه الآخر أن يكون، وليس كما هو.

في كتاب عن تأثير الصورة الذاتية في اختيار شريك الحياة، يقول الكاتب: “إن الإنسان الذي يعاني من الوحدة الداخلية ربما يكون قد حُرِم من الحب في الطفولة، لذا فهو يرى أن نفسه الآن لا تستحق صداقته”، فهو يشعر باستمرار بعدم استحقاقه أن يُحَب، فيحاول الهروب من أي علاقة حميمة.

عزيزي القنفذ.. احذر من الاقتراب أكثر من اللازم

العلاقة الحميمة السوية تطلب بعض الحدود لحمايتها، فالقنفذ يظل يقترب فيتوجع فيبتعد فيشعر بالبرد، حتى يجد مسافة مناسبة لتبقيه مستدفئًا وفي نفس الوقت لا تؤلمه أشواك زميله القنفذ.

قد تكون هذه الحدود هي عدم قبولك لنوع معين من الكلام تحت مسمى “الهزار”، وقد تتمثل الحدود في عدم الرضوخ لأن تكوني المعالج النفسي لشريكك، فقط تستمعين وتحاولين مساعدته، فتتحول العلاقة إلى علاقة باتجاه واحد.

عزيزي القنفذ.. ستظل في حاجة إلى صديقك القنفذ لتستدفئا معًا

“لا يوجد استثمار آمن في الحب، أن تحب يعني أن تكون ضعيفًا. جرب أن تحب أي شيء وسيضعف قلبك وربما ينكسر. إذا كنت تريد أن تحافظ عليه دون ألم فعليك أن تحتفظ به لنفسك. ضع عليه غلافًا أنيقًا واربطه بحذر والصق فوقه بعض الزينة. ضعه في خزانة نعشك وأنانيتك. داخل النعش حيث الأمان والظلمة وانعدام الحركة وحيث لا وجود للهواء، سيتغير قلبك هناك ولن ينكسر، سيصبح غير قابل للكسر، لا يمكن اختراقه ولا إعادته لطبيعته.. هيا إلى المكان الوحيد الذي تستطيع أن تكون فيه آمنًا من كل أخطار الحب.. هيا إلى الجحيم”.

ولعل الفيلسوف سي. إس. لويس وهو يكتب تلك الكلمات كان يقصد ذلك النوع من الحميمية في الحب، التي تطلب شجاعة أن تكون ضعيفًا.

هذا النوع من الحب الذي يتطلب الخروج من دائرة الراحة، خروج لدائرة الآخر ومحاولة اكتشافه وفهمه، ومجازفة الإفصاح عن الذات، والتعرض لخطر عدم تفهم الآخر لي أو لرفضي. ولكنها أيضًا مغامرة تستحق المجازفة لأن فيها فقط نتعرف حقًا على ذواتنا وتُشفى نفوسنا، وفيها أيضًا تٌعرض نفوسنا للخذلان والجرح لأننا قريبون “بأشواكنا” من بعضنا بعض.

ولعل ذلك البعد من العلاقة الحميمية، لا يتقوى فقط بمجرد العشرة، ولا بكلام الحب والغزل بين الشريكين، لكنه يحتاج إلى مجهود خاص لتنميته ولإضافة عمق لهذه العلاقة، فإليك بعض التدريبات يمكنك تجربتها مع شريكك:

التدريب الأول:

1- عمل قائمة من المشاعر التي يمكن الشعور بها (قد تصل إلى 200 شعور)، مثل “أنا أشعر بالتوتر، بالملل، بالوحدة، بالاحتياج… إلخ ). وكل شريك سيختار 5 مشاعر للتعبير عن نفسه وتحديد درجة شعوره بهذا الإحساس بدرجة من 5، فمثلاً أنا أشعر بالرفض بنسبة 4، وأشعر بالملل بنسبة 2، وهكذا.

2- يمكنك مثلاً تعليق هذه القائمة في المطبخ أو في المكان الذي تتقابلان فيه صباحًا، أو حتى في “سوفت كوبي” وإرسالها لشريكك، والتشارك بكيف يشعر كل منكما كل يوم، سيساعدكما ذلك التدريب في التعبير عن مشاعركما بعضكما لبعض إذا كنتما غير معتادين على ذلك.

يمكن أن تجدي أحد الأمثلة لهذه القوائم هنا. (3)

التدريب الثاني: صفي نفسك بعشر خصال، سلبية وإيجابية، واطلبي من شريكك أيضًا أن يدون في ورقة كيف يراكِ، وما يعرفه عنك من إيجابيات وسلبيات، وأيضًا اطلبي من صديقتين لكِ نفس الطلب.

من المتوقع أن تتشابه رؤية شريكك ورؤية أصدقائك لكِ ورؤيتك أنتِ لنفسك بنسبة كبيرة، وإن لم يحدث هذا فهذا يعني أن هناك خطرًا يستحق الانتباه له.

التدريب الثالث: قضاء 10 دقائق لكتابة المذكرات اليومية وتبادلها، والحديث عنها في 10 دقائق أخرى، فأحيانًا نحاول الدخول إلى أعماق الذات لاختيار الكلمات المناسبة للتعبير عن المشاعر التي نمر بها، ونحتاج لفترات صمت. ولكن عادةً الناس لا تتوق الانتظار، ولكن الورقة تنتظر إلى ما لا نهاية، فهذه هي وظيفتها. (2)

الهدف من كل من هذه التدريبات هو التعوًد على التعبير عن المشاعر والتلامس معها، لكي نستطيع أن نقيم علاقة بها قدر من الحميمية النفسية والعمق ومن ثم الإشباع. فلكي نتمكن من وصف المشاعر بما يجعل الآخر يحس بها كما نحن، علينا نحن أن نختبرها إلى أعمق درجة ممكنة. فإذا فشلنا في الإصغاء لمشاعرنا، أتى وصفها ضعيفًا كضعف إصغائنا، فتصبح المشاركة بلا دقة ولا حماس، ومثل هذه المشاركة لن تساعد على تعميق صلة الحب والحميمية.

المصادر:

 (1) what-hedgehogs-dilemma

(2) كتاب “سر البقاء في حب” – الاب جان باول

(3) psychpage

عزيزي القنفذ.. احذر من الاقتراب أكثر من اللازم

المقالة السابقةعشق صالونات
المقالة القادمةالخوف من الحب (الفيلوفوبيا) ما هو؟ وما وجه نظر علم النفس فيه!
كاتبات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا