في السنة الثانية في عمر "كوكو" كنت قريت عن فن التعامل مع الأطفال الزنانين، بأسلوب الحسم فيما هو مرفوض والتنفيذ الفوري لما هو مقبول، أنا نفذت الطريقة الأمريكية الحديثة بحذافيرها، وكنت مثال للأم اللي إذا وعدت أوفت مهما كانت الظروف، وإذا طلبت "كوكو" أمرًا مسموح به يُنفذ على الفور مهما كانت الظروف، برضو تجنبًا لما كنت أعتقده أسباب للتعلق بالزن. منطقيًا اقتنعت إنه إذا كنت موافقة فلا داعي للانتظار أحسن تفتكر إن الانتظار والزن همّ اللي خلوني أوافق على طلبها.
"كوكو" حاليًا تتم عامها السادس ولا تعرف معنى الصبر، لا تعرفه لأني لم أعرفها عليه. لا صبر على جوع أو عطش أو دخول حمام أو الرغبة في النوم. لا صبر على انتهاء أبوها من مشاهدة فيلم أو انتظاري لحد ما أخلص مكالمة تليفون. لا صبر على أجواء حارة أو باردة أو انتظار باقي أفراد الرحلة. ظُلمت "كوكو" بنشأتها مع أم تخطط كل شيء على جدول "كوكو" ولا تجد فرصة لممارسة فضيلة الصبر والانتظار.
مش "كوكو" لوحدها، جربوا تراقبوا سلوك الأطفال في عيادات الدكاترة أو مع أمهاتهم في النادي قصاد أكشاك الحلوى أو في السفربات الطويلة، أو إذا اضطرينا نمشي مسافة في الشارع. إذا نسيت الأكل في النادي مع إننا اتغدينا بلاقي "آااااااااه بطني فاضيااااااة بتوجعنييييي محتاجة أكل حرررررااااااام". أو إذا مشيت حبة في الشارع "آااااه يا ركبتييييي مش قادراااااااااة شيلينيييي"، مرة كنا على سفر وجاعت وقعدت ساعتين في عذاب "قربنا نوصل؟ قربنا نوصل؟"، "يا حبيبتي تعالي نلعب"، تلعب عشر دقايق ثم "قربنا نوصل؟"، "طيب نامي شوية" تغمض عينيها خمس دقايق ثم "قربنا نوصل؟". مفيش جوع حقيقي يوجع بس هي الرغبة في النقنقة ملحة ومتعلمتش إزاي تقدر تشتت ذهنها وأنا في ده مقصرة. طلع تنفيذ الرغبات فورًا مش أسلوب ناجح والبنت اتظلمت لأنها متعلمتش الصبر، وبالتالي أي تأخير في تنفيذ رغباتها بيعكنن عليها ويفسد عليها اليوم أو فسحة المفترض تنبسط بيها، وكمان بيعقب عليها بغضبي من دلعها وتهديدي المستمر بالعقاب والتقطيم على إنها ناكرة للجميل، ومش بتشوف النعمة.. منهم لله الأمريكان.
إذا كانت الطريقة الأمريكية تربي أطفالاً لا يتمتعون بالقدرة على الصبر، فلنجرب الطريقة الفرنسية. تحكي الكاتبة بميلا دروكرمان صاحبة كتاب bebe day by day عن المجتمع الفرنسي أنها كانت الأم الوحيدة صاحبة الأطفال الصارخين اللي بيدبدبوا أثناء خروجهم من النادي أو مرورهم أمام متاجر الحلوى أو ما يثير عادة صراخ الأطفال.
كيف تعلم الأم الفرنسية أولادها الصبر؟
تقول إن الأمهات يعطين أولادهن الفرص لممارسة الانتظار. الأطفال محتاجين يتعملوا تشتيت أذهانهم عن رغباتهم. الفرنسيات يعلموا الأطفال بكلمة "Attend" أو "استنى" بالفرنسية، إزاي يسلوا نفسهم لحين انتهاء مدة الانتظار. إذا استجبت لإنهاء مكالمة التليفون أو في كل شكوى من الزهق، أنت تربين طفلاً زنانًا.
أما النصيحة التانية فهي إن على الأمهات التعامل مع الأطفال على اعتبار أنهم قادرون على السيطرة على أفعالهم. تتعامل الأمهات الفرنسيات على أعلى درجة من مستوى ذكاء أطفالهن وأنهم قادرون على فهم التوجيهات والحدود. الحب وفرض الحدود في نفس الوقت أمران في غاية الأهمية، الحب بلا حدود وقوانين تنشئ طفلاً مدمرًا.
ملحوظة جانيىة غير مفيدة: أنا بقرا الكلام ده "حسن" كان بيتسلق ضهري وهو ماسك نواة تمر وعمال يرميه في كل حتة مستحيل الوصول لها في الأوضة وهو بيبوسني بكل الحب.
النصيحة الأخيرة إنك تطولي من مدة استجابتك للأمر اللي طلبه الطفل. إذا كنتي مشغولة في أمر ما، متسبيش اللي في إيدك وتجري تنفذي طلبها. بس بدل ما تصرخي زيي إنك مش الخدامة اللي جابهالهم أبوهم المفروض تشرحي في هدوء إنتي بتعملي إيه وتعرفيهم إن لو همّ غير قادرين على مساعدة نفسهم هتساعديهم إنتي لما تخلصي اللي في إيدك.
وتختم الكاتبة أن الآباء الفرنسيين سقف توقعاتهم في حدود ما يتحمله الطفل، همّ مش بيروحوا بأطفالهم لأماكن للكبار ويطلبوا منهم التعامل بهدوء، ولكن بيعلموهم الصبر على المواقف المختلفة المحتملة، باعتبار إن الصبر عضلة كل ما استعملها الأطفال قويت.