الراجل كمان له حقوق

546

في يوم لطيف الصبح، نازلة الشغل ركبت عربيتي وشغلت الراديو ع المحطة اللي متعودة أسمعها كل يوم، وكان الموضوع اللي بتتكلم فيه المذيعة هو الشهامة، وهل لسة موجودة في الشارع المصري ولا لأ، ابتدت تقرا رسايل وتعليقات المستمعين والمستمعات اللي أغلبهم شايفين الشهامة بقت عملة نادرة مؤخرًا في شوارع المحروسة، وبعديها سمعتنا أغنية.

 

رجعت مع مكالمة من أحد المستمعين اللي كان رأيه إن الشهامة في زماننا بقت حاجة مكلفة وأحيانًا خطيرة، قامت سألته المذيعة سؤال مباشر “يعني إنت لو شفت واحدة بتتعاكس في الشارع تتدخل وتدافع عنها ولا لأ؟”، رد بكل أمانة وصدق وقال “بصراحة لأ، لإن ممكن الشخص اللي بيعاكس يكون قليل الأدب وتقلب بخناقة وعند الجد لو الموضوع كبر البنت ممكن تخاف على نفسها وعلى سمعتها وتنفي إن حد ضايقها من أساسه”، قالتله “يعني مش هتتدخل بسبب الخوف؟”، قالها “آه”. خلصت المكالمة وقفلت معاه وهي محبطة ومش مصدقة إن الرجالة بتفكر كده، ونزل عليها سيل من الرسايل من الجنسين بيعبروا عن أسفهم على حال الرجولة المصرية واللي وصلتله وإزاي إن المكالمة الأخيرة صدمتهم.

 

هنا بقى الدم نط في عروقي ولا همني نصيحة “دونت تيكست أند درايف”، ولا ميعاد شغل هتأخر عليه ولا بتاع، لقيتني ببعت رسالة للبرنامج بتقول “أنا بنت وموافقة مع رأي المستمع اللي مش هيتدخل لو شاف بنت بتتعاكس، كلميني”، طبعًا رسالتي استفزتها قامت مكلماني، قلتلها بقى الكلمتين دول:

 

نبتدي من الأول بقى.. الرسايل اللي بنقولها للولد من يوم ما بيعرف إن لقبه مذكر محتاجة مراجعة، رسايل من نوعية “خد بالك من أختك”، حتى لو كان هو الأصغر، وكأنه لمجرد حصوله على اللقب يبقى مطلوب منه يكون بودي جارد وسوبر مان مهما كان شعوره أو مخاوفه أو حتى قدراته، ولا “إنت راجل البيت وأنا مش موجود”، بتحمِّل الطفل من صغره أدوار مش بتاعته وبتتقل ضهره بحمول هي أصلاً بتاعة أهله وأهله بس. لأ ولا القول للمصري الأشهر “إنت راجل والراجل ميعيطش”، ياه ع اللي بتعمله فيه من سحل لنفسيته البريئة وقتل لفطرة الله اداهالنا كلنا كبشر، وهي العياط! واللي بتدينا قدرة نكمل في الحياة بصعوباتها وإحنا بنحافظ على نفسياتنا سليمة. وكمان لما يسمع اللي بيتقال لأخته “حطي لأخوكي ياكل.. اكوي القميص لأخوكي.. متخرجيش غير مع أخوكي”، ده كفيل إنه يصنع منه كائن متعجرف مريض بالتسلط، فاكر الست خدامة ومكسورة الجناح وفاقد استمتاعه بيها كشريكة في الحياة وند ليه.

 

كلمتين في ودن كل راجل.. من فضلك متستسلمش لرسايل غلط بتشوّه جمال روحك وبتختصر وجودك في دور الحامي القوي اللي لازم يتدخل وقت الخطر، ومش من حقه يظهر أي ضعف، لأ إنت أكبر من كده، إنت شخص من حقك تختار أدوارك بدون ما تشعر بالتقصير، إنت أحيانًا بتكون للبنت حماية لكن من حقك كمان لما تكون في وضع ضعف إنك تطلب المساعدة وتكون هي ليك حماك والسند. مجتمعنا كتير بيضيع حقك في الاحتياج بسبب تربية ورسايل غلط وبيئة مسيئة.. ينفع تعافر ومتسكتش لأنك إنت كمان إنسان ولك حقوق.

 

أما البنات بقى وأنا معاكم، محتاجين نعرف إن الراجل متخلقش عشان يحمينا ولا عشان يكون لنا البودي جارد، الراجل شريكنا في الإنسانية وله الحق فإنه يخاف ويقلق، كمان عنده غريزة حب البقاء عادي وحقه يختار معاركه، وإحنا نقدر نقول للأذى “لأ” وصوتنا كمان عالي، فلما نتحط في موقف مؤذي يبقى دورنا نوقفه بكل ما عندنا من قدرة، طبعًا طلب المساعدة مشروع لكن تفضل المسؤولية في دفاعنا عن جسمنا وعن حريتنا هي مسؤوليتنا إحنا أولاً.. وعن خبرة.. كل مرة وقفت فيها لحقي في الشارع وعليت صوتي رجعت بيتي اليوم ده وأنا حاسة بالأمان حتة أكتر، والعكس، المرات اللي اتأذيت فيها جامد نفسيًا هي المرات اللي وقفت واتسمّرت ومقلتش لأ! أمانك جواكي إنتي مش في إيد أي شخص تاني. ممكن تكوني متعلمتيش تدافعي عن نفسك بس تقدري تبتدي النهارده ولو مش عارفة إزاي اسألي وحاولي، كلنا ابتدينا مش عارفين بس قررنا نتعلم ونتغير.

 

من الآخر إنتي مش محتاجة سوبر مان ينقذك، تقدري تكوني سوبر نفسك وتشيلي مسؤولية معاركك الخاصة.

 

 

 

 

 

 

 

المقالة السابقةالرجولة الحقيقية ليست مسبة
المقالة القادمةأفضل 22 قصة للأطفال من معرض الكتاب

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا