التشجيع على الخيانة مصلحة من؟!

1152

لم يعد غريبًا علينا أن نقرأ أو نسمع عن فلان الذي عرف علانة وتزوجها على زوجته، أو على أقل تقدير أحبها قبل أن يعود لبيته أو يترك كل شيء من أجل المرأة الجديدة. أصبح خبرًا كذلك لا يُدهشنا بغض النظر عن أبطاله حتى ولو كانوا أباك وأمك شخصيًا!

 

فكل فرد منا أصبح يعرف -في دائرته القريبة- أكثر من شخص وقع في تلك الحفرة، باختلاف النهايات المطروحة والممكنة، ولعل أشد ما يؤلمنا حين تصدُر تلك الأفعال ممن كنا نخالهم مُحصَّنين من الخطأ، قبل أن نُدرك أن كُلنا خطاؤون بلا استثناء.

 

لن أتحدث اليوم عن فكرة الزواج من أخرى، أو أن الشرع حلل أربعة، ولا حتى فى أن “أصل الرجالة عينيهم زايغة”، وبالطبع لن أتحدث كذلك عن الزوجة التي قَصَّرت مع زوجها حين لم تستطع أن تُهَوِّن عليه فاجعة خسارة فريقه الكُروي المفضّل لأنها كانت مشغولة بالأكل والشرب والحمل والعيال والمذاكرة والنادي والدكتور والواجبات الاجتماعية والبوفتيك (لازم البوفتيك عشان محدش يقول حاجة).

 

مقالي اليوم عن التشجيع والترويج للخيانة، كما لو أنها فِعل عادي، بل ورُبما فِعل يجعل صاحبه أكثر جاذبية في أعين من حوله رجالاً أو نساءً!

 

معذرة.. فلنسمِّ الأشياء بأسمائها، حين تنظر لامرأة غير زوجتك هو ذنب أولاً ثم خيانة لزوجتك التي استأمنتك على نفسها وشرفها وسيرتها و-قبل كل شيء- أمانها، فما بالك لو اشتهيت تلك المرأة أيضًا؟

 

لمصلحة من نقرأ كل يوم على صفحات التواصل الاجتماعي مشاكل من نوعية “زوجتي نكدية ومطلعة عيني وأنا أحب امرأة أخرى فماذا أفعل؟” أو “زوجتي بنت ناس وطيبة بس أنا اللي قليل الأصل وحبيت واحدة تانية فماذا أفعل برضو؟”؟!

تعرفي على: قصة مسلسل مطلوب رجال

في الحالتين أصحاب المشكلة ينتظرون من يُشجعونهم على السير خلف النزوة ومنحهم صك الغفران والتَفَهُّم لما أرادوا/ قرروا أن يُقدموا عليه. لنجد غالبية الأشخاص يقومون -بالفعل- بالهتاف لذلك الرجل “الجامد” سواء كانوا رجالاً مثله يُريدون التأكيد لأنفسهم أن هناك آخرين مثلهم، أو نساء “تصطاد فى المية العِكرَة”، إلا من رحم ربي من يتحدثون مع أصحاب المشاكل بعقل وهدوء لتنويرهم وفتح أعينهم على المصائر المتعددة التي تنتظرهم.

 

أنا لست ضد الحُب -على فكرة- كما أنني من الأشخاص الذين يؤمنون أن الحب قد ينتهي فجأة مثلما بدأ فجأة، وأن الأشخاص الذين اعتدنا على إيجاد سعادتنا معهم قد لا يظلوا هكذا طويلاً. كما أنني مع الحق المشروع فى بدء حياة جديدة مع آخرين يمنحوننا ما نسعى إليه. لكنني -قطعًا- ضد فكرة “تلبيس السلطانية” وخداع طرف للآخر.

 

فإذا كنت غير سعيد بحياتك عليك إما أن تُضحّى وتتحمل من أجل أسرتك، أو ترحل وتبدأ حياتك فتنقذ نفسك، ولكن أن “تمسك الحبل من النُص” فتظل مع زوجتك “عامل فيها جِمِيلة” وفي الوقت نفسه تبحث عن امرأة أخرى تمنحك ما ينقصك فتلك خيانة بنظري. وإن كنت تعتقد أنك لا تفعل شيئًا خاطئًا افعله فى النور إذن وأخبر زوجتك وليكن ما يكون.

 

السؤال مرة أخرى: لماذا أصبح المُشجعون على خراب البيوت أكثر من المُشجعين على إنقاذها؟

 

  • ستجد دومًا فى الجلسات العائلية أو جلسات الأصدقاء الشخص الذي يفتح سيرة الزواج الثاني ويُشجع الآخرين على ذلك ثم يُبرهن كلامه بأحاديث أو آيات قرآنية أو حتى قصص رجال آخرين فعلوا ذلك وأصبحوا الآن “عايشين في مية البطيخ”، وإذا سألته لماذا لم يفعل ذلك سيُخبرك أنه زاهد بالدنيا وغير مهتم أو أنه “مقطع السمكة وديلها”، وهو في الحقيقة “مراته بترفعله الشبشب”.

 

  • الإعلام -منه لله- عربي أو أجنبي بالنسبة له تيمة الزوجة/ الزوج/ العشيقة مادة دسمة جدًا لجذب الجمهور سواء المتفق أو المختلف، كذلك تصلح لرمي الإيفيهات وطرح مشاهد خليعة أو أغاني مُسِفَّة باختصار “سبوبة”. 

ومُخطئ من يعتقد أن الأمر انتشر حديثًا بعد الحاج متولي وفيلم عن العشق والهوى، أو حتى مصطفى شعبان “اللي مجنن النسوان”! ولكن الحكاية أقدم من ذلك، منذ مُنااااااااا/ أحماااااااد. وكذلك سنجد نفس الحدوتة فى الأعمال الأجنبية، ولعل من أشهر الأمثلة المعاصرة مسلسل جرايز أناتومي وعلاقة أديسون/ ديريك/ ميريديث.

 

المؤسف أن القائمين على تلك الأفلام لا يهتمون بعرض الواقع -كما يقولون- بل إنهم فعليًا -بقصد أو بدون- يُرَوِّجون لتلك الأفكار، يُرَوِّجون لها حين:

– يختارون الممثلين المُفضلين للجمهور فى أدوار الزوج والعشيقة ليتعاطف معهم الجمهور. 

– يمنحونك حبكة درامية تجعلك تتمنى أن “مصيبة تنشق” وتبلع الزوجة/ المرأة الأولى ليهنأ الآخرون.

– يمنحونك تفاصيل تجعلك تتمنى أن تكون مكان البطل أو المرأة الأخرى.

 

الحكاية ليست بسيطة أو بديهية -كما قد تبدو- أو أن على كل شخص اختبارها بنفسه ليشعر بفداحتها، كما أنه ليس علينا الاعتماد -دومًا- على أن الـمُتَلَقِّي ذكي و”عارف مصلحته” فيفهم المقصود من الإسقاط. ولا أقصد بكلامي أن يتم استخدام الإعلام لتوجيه الرسائل بالملعقة وبشكل مباشر لا يحترم عقلية المشاهد، كل المطلوب التفكير كثيرًا فيما نُشجع عليه إعلامًا، وأفرادًا ومؤسسات لأن “من الآخر: المشرحة مش ناقصة قُتلى”.

المقالة السابقةفي فقه التفهم
المقالة القادمةحلقات دعم للأرواح المُرهقة
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا