الأم الهليكوبتر vs الأم الغواصة

1443

 

بقلم/ أمل طه

هل تتذكرين كم مرة منعتِ ابنك من الاشتراك في رحلته المدرسية بدافع القلق؟ كم مرة منعته من ممارسة رياضة معينة بدافع الخوف؟ هل تتذكرين كم مرة ترددتِ قبل اتخاذ قرار إرسال أبنائك إلى الحضانة؟ هل تتذكرين محاولاتك المفرطة في إقناع ابنك بتغيير اختياره في مدينة الملاهي واختيار اللعبة التي ترشحينها أنتِ؟

 

ألف مبروك حصولك على لقب “الأم الهليكوبتر”.

كل هذا الكم من الوصاية والتدخل في اختيارات أبنائك بدافع القلق أو الخوف، أو حتى الرغبة في حمايتهم من الفشل والخبرات السيئة، يمنحك عن جدارة لقب “الأم الهليكوبتر”، أو الأم التي لا تدع مجالاً لأبنائها لفعل أي شيء، فهي تتدخل في أبسط وأدق تفاصيلهم وتتصرف عوضًا عنهم وفقًا لتعريف عالم النفس فوستر كلاين، الذي أطلق هذا التعبير عام عام 1990.

 

أنتِ ضد الطبيعة

يصنف علماء النفس التدخل المفرط في حياه الأبناء بدافع الحماية أو الدفاع عنهم، بأنه سلوك مغاير لطبيعة الأطفال، التي تسعى للاكتشاف والمغامرة والتعرض للمخاطر وتطوير أساليبهم الخاصة لتفاديها والتعامل معها حال ظهورها، وأن هذا الخوف المرضي لا يخلق سوى أطفال أكثر عرضة للاكتئاب والقلق والخوف، وأقل استقلالية واعتمادًا على النفس.

 

عدم القدرة على مواجهة الواقع

الحماية المبالغ فيها للطفل ومنعه من أن يعيش التجربة الحقيقة، تفقده اكتساب الخبرة والقدرة على مواجهة المشكلات المختلفة، كما أنها تخلق رؤية مشوشة للواقع، فالطفل يعيش في مجتمع زائف جملتِه أنتِ، فالمشكلات الصغيرة التي يتعرض لها ابنك عندما يلعب أو عندما يحتك بأقرانه في النادي أو في المدرسة أو أي محيط اجتماعي، ما هي إلا تدريب بسيط للحياة الحقيقية التي سيخرج لها بمفرده، شئتِ أم أبيتِ. عدم قدرة الطفل الآن على الاختلاط بالواقع الحقيقي سيجعله أكثر عرضة للوقوع في الخطأ، وسيسلبه قدرته على اتخاذ قرارات أخلاقية، خصوصًا في المواقف التي تتطلب أن يُحَكِّم فيها ضميره ويُصدر أحكامه الخاصة.

 

لا مجال للفشل

في قاموس الأم الهليكوبتر لا يوجد شيء يسمى الفشل. يجب أن تنتهي الأمور دائمًا بالنجاح، لا مجال للفرصة الثانية، فالنجاح هو ما تسعى إلى تحقيقه من أول مرة، لذلك تبذل كل ما في وسعها للوصول إلى هدفها.

 

في الحقيقة إن ما تفعلينه هو الفشل بعينه، فأنتِ لا تحمي ابنك من الفشل، أنتِ تدفعينه للفشل بخطى سريعة؛ حرصك الزائد وتدخلك في صغائر الأمور سيغير مفهومه لذاته، سيجعله يخلق صورة مشوهة لنفسه في مخيلته، يصم فيها نفسه بعدم القدرة على تحمل المسؤولية والاعتماد على نفسه.

 

أنتِ أم مسكينة وحزينة

هوسك الدائم بأطفالك وقلقك الزائد لن ينعكس عليكِ بشكل إيجابي كما كنتِ تعتقدين للأسف، بل سيجعلك دائمًا في دائرة تأنيب الذات والتقصير. لا أحد ينكر عليكِ خوفك الغريزي كأم، ولكن لا تدعي الإفراط في الخوف يقتلك.

 

اتركي المجال لأبنائك ليعيشون حياتهم وفقًا لما يرون هم، وليس وفقًا لاختياراتك أنتِ. إذا كنتِ لا تستطيعين مقاومة شعورك بالرغبة المبالغ فيها لحمياتهم والدفاع عنهم، حاولي أن تشغلي نفسك بأي نشاط، حاولي أن تطلبي الدعم من الآخرين، ضبطك لنفسك ولمخاوفك سيجعلك أقل توترًا وأكثر حكمة في التصرف في أمورهم، سيحولك إلى امرأة طبيعية ترى الأمور بحجمها الطبيعي، وليس مجرد أم مصابة بهواجس لا أساس لها من الصحة سوى في مخيلتك.

 

كوني الأم الغواصة

نصيحتي لكِ كأم تملك نفس المخاوف على أبنائها وتتفهم شعورك تمامًا.. لا تكوني “الأم الهليكوبتر” التي تفسد كل شيء بتدخُّلها المبالغ فيه في حياة أطفالها، كوني “الأم الغواصة” التي تختبئ تحت الماء ولا تظهر إلا في حالة الطوارئ فقط. اتركي المجال لأبنائك لاكتشاف العالم وتكوين هويتهم الخاصة، لا تتدخلي إلا إذا ظهر الخطر الحقيقي. دعيهم يعيشون تجربة الطفولة كاملة، لا تحرميهم فطرتهم وتسلبينهم حقهم في السقوط والنهوض، الضحك والبكاء. ناقشيهم، افتحي لهم عوالم أكثر رحابة، كوني أنتِ بابهم المفتوح على الحياة والمعارف المختلفة، لا تكوني الفقاعة التي تحبسهم بداخلها فيختنقون.

 

المصادر:

1

2

http://www.consistent-parenting-advice.com/overprotective-parents.html

 

http://www.consistent-parenting-advice.com/submarine-parents.html

أنتِ أم مسكينة وحزينة

 

المقالة السابقةإني خيرتك فاختاري
المقالة القادمة2017.. عام السائق المخبول وأنا
صحفية وكاتبة مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا