اكتئاب الأطفال

1299

“اكتئاب الأطفال”.. مصطلح قد يبدو غريبًا علينا، وقد لا يصدقه البعض ويتعامل معه بتجاهل شديد، مما يتسبب في عواقب وخيمة فيما بعد.

 

الأطفال يكتئبون، ولكن بصورة أقل من البالغين من ناحية الأعراض، وأحيانًا قد يصل الاكتئاب إلى حد الانتحار، وبحسب الإحصائيات فهم في المرتبة الثالثة في إحصائية المنتحرين، التي جاءت ممثلة في الفئة العمرية من 7 إلى 15 عامًا. وكانت البنات المنتحرات في هذه المرحلة ثلاثة أمثال الأولاد.

 

وبلغت نسبة هؤلاء الأطفال المنتحرين 5.21% من إجمالي المنتحرين في مصر، في الآونة الأخيرة، لذلك فإن الاهتمام بالتربية النفسية للطفل لم تعد رفاهية في زمن يكثر فيه الإيذاء النفسي والجسدي للأطفال.

وكلما كانت ملاحظة الأعراض مبكرة، كانت معرفة الأسباب وعلاجها أسهل بكثير من إهمالها وتجاهلها قبل أن تصل لمرحلة مرضية.

 

أسبابه:

– من الواقع الذي أراه وأتعايش معه يوميًا من خلال عملي مع الأطفال، لكوني معلمة، أن هذا الأمر أصبح منتشرًا جدًا في المدارس بصورة ملحوظة، والسبب الرئيسي في هذا الاكتئاب هو ارتفاع معدلات الطلاق وانفصال الأطفال عن أحد الوالدين سواء الأب أو الأم.

 

– الحوادث الصادمة للطفل، كفقد الطفل لأحد والديه، أو أي شخص عزيز عليه، أو حيوانه الأليف.

 

– تغير نمط المعيشة، بأي شكل من الأشكال.

 

– هناك عامل وراثي أيضًا، فالأطفال الذين ولدوا لأم مصابة بالاكتئاب نسبة إصابتهم بالاكتئاب أعلى من غيرهم.

 

– الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي من العنف، تعاطي الكحول أو المخدرات، أكثر عرضة للانتحار من غيرهم.

 

الأعراض:

– الأطفال المكتئبون يعانون من نفس أعراض اكتئاب الكبار ولكن بصورة أقل، قد تكون اضطرابات مزاجية أكثر من أي شيء آخر.

 

– قد يتحول الاكتئاب الشديد لديهم لإضراب الوسواس القهري (OCD)obsessive compulsive disorder ، وهو عبارة عن أفكار مزعجة غير مرغوب فيها، حيث تسيطر صورة أو رغبة مُلحَّة على عقل الشخص بشكلٍ متكرِّر، ممَّا يؤدِّي إلى شعوره بالقلق أو بالاشمئزاز أو بالاضطراب.

 

– كذلك اضطراب فرط الحركة ، وهو الأكثر شيوعًا (ADHD)ATTENTIONDeficit Hyperactivity Disorder

وهو يجعل الطفل غير قادر على اتِّباع الأوامر أو السيطرة على تصرفاته، أو أنه يجد صعوبة بالغة في الانتباه للقوانين، وبذلك هو في حالة إلهاء دائم بالأشياء الصغيرة.

المصابون بهذه الحالة يواجهون صعوبة في الاندماج في صفوف المدارس والتعلم من مدرسيهم، ولا يتقيدون بقوانين الفصل، مما يؤدي إلى تدهور الأداء المدرسي لدى هؤلاء الأطفال بسبب عدم قدرتهم على التركيز، وليس لأنهم غير أذكياء، لذلك يعتقد أغلبية الناس أنهم مشاغبون بطبيعتهم.

 

– زيادة السلوك التخريبي والتعارض مع الأنشطة الاجتماعية.

 

– اضطرابات النوم، سواء بالخمول أو النوم لعدد ساعات طويلة، أو العكس من زيادة الأرق وعدم القدرة على النوم.

 

– الحساسية المفرطة ونوبات الغضب والبكاء.

 

– التفوُّه بأقوال سلبية عن نفسه، مثل أنا فاشل أو غبي أو لا أحد يحبني في هذا العالم… إلخ.

 

– العنف الزائد والضرب المستمر لأقرانه في المدرسة.

 

– اضطرابات الطعام EATING DISORDERS، وذلك سواء بالإفراط في الأكل أو فقدان الشهية.

ولأن مشكلة الأطفال الكبرى أنهم لا يستطيعون توظيف مشاعرهم في كلمات محددة يصفون بها ما يمرون به أو يشعرونه، فبات علينا الانتباه جيدًا لهذه الأعراض، التي عادة ما تتخطى الأسبوعين، مما يدل على وجود اكتئاب لديهم.. وكلما كان الانتباه إليه مبكرًا وتشخيصه بطريقة سليمة كان علاجه أسهل بكثير.

 

العلاج:

فيما يخص العلاج الطبي:

يجب أن يعرض الطفل على طبيب نفسي لتقييم الحالة، ففي الحالات البسيطة يكون العلاج السلوكي المعرفي هو الأنسب،

ويتطور بتطور الحالة إلى الأدوية ومضادات الاكتئاب في الحالات الأكثر خطورة.

 

أما عن دور الأسرة:

– الاستماع جيدًا لرغبات الطفل، ومحاولة مناقشة كل الأمور التي تقلقه وتشتت انتباهه.

 

– الاحتواء، بأن تدرك أن طلباته التي قد تبدو غير منطقية هي قمة المنطق من وجهة نظره، وأن الاستخفاف بها قد يبدو تجاهلاً مباشرًا لرغباته الأساسية، فالطفل كثيرًا ما يحتاج للإقناع، فلا تدفعه لعمل شيء ما هو لا يعي سبب قيامه به.

 

– تنمية المواهب ولعب الرياضة وخاصة الرياضات الجماعية.

 

– يزداد الاكتئاب عند الأطفال مع زيادة المشكلات بين الوالدين، أو شكوى أحدهم من الطرف الثاني أمام الأطفال، لذا يجب الحذر وعدم التمادي في هذه الأمور أمامهم.

 

– أن تعالج نفسك من معتقدات ربما تكون خاطئة وتغير نمط السلوك بما يناسب ابنك، لأن ذلك جزء من علاجه هو كطفل مصاب بالاكتئاب.

مثال: في الوقت الذي تظن أن ابنك قدراته ضعيفة لأنه ليس متميزًا في الأمر الذي ترغب أنت أن يكون متميزًا فيه، سيكون ابنك متميزًا في شيء آخر بعيدًا عن توجهاتك، فإن لم تقوِّم سلوكك وردود أفعالك بما يناسبه هو لا بما يناسبك أنت، ستكون أنت السبب الرئيسي في اكتئابه.

 

أعلم أننا نعيش في عالم بائس لا مكان فيه للصحة النفسية، ولكن إن لم ننعم نحن بالسلام النفسي، فعلينا أن نوفره قدر استطاعتنا لجيل قد يأتي من بعدنا ويغير الواقع.

 

المصادر :

https://www.webmd.com/depression/childhood-depression#1

 

https://www.webmd.com/depression/guide/depression-children#1

المقالة السابقة14 نصيحة مهمة للخناق العادل مع زوجك
المقالة القادمةالحاسة السحرية للأمهات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا