بقلم: صفاء الشبلي
قبل وقت قصير كنت أنتمي إلى نادي العوانس، والعانس في مجتمعنا ليست من فاتها قطار الزواج فحسب، ولكن هي أيضًا تلك الفتاة التي ربما لم تتجاوز الـ25 من عمرها، وتحمل هذا اللقب، رغم إن ذلك لا يعد تأخرًا كبيرًا في سن الزواج لكنه يعتبر مصيبة في حد ذاتها.
والمصيبة تكون فادحة لو كانت الفتاة تنتمي لمجتمع ريفي "فلاحين يعني"، فيبدأ القيل والقال، فهنا تجد طنط وعمتو وخالتو والجارة وبائعة الخضار وبتاع اللبن والبواب وأي حد معدي بالصدفة في الشارع، يدعون لها أن "ربنا يعوض عليكي يا بنتي"، والأمر لا يخلو من المصمصة والشحتفة والمسكنة والتصعب على حالك المزري.. أصغر منك واتجوزوا وعيالهم داخلين المدارس كمان، على الرغم من أنهم أصغر منك بـ10 سنين. هتفضلي ترفضي لحد امتى؟ دا إذا كان فيه حد بيتقدملك أصلاً!
وإذا كان لديك طموح مهني فهذا كلام آخر، فالبنت ليس لها سوى بيتها وجوزها "سي السيد طبعًا".. "شغل إيه وهباب إيه؟!"، هيجيلك اكتئاب وضغطك هيعلى والسكر هيوطى ومرستان في دماغك و200 ألف واحد بيتكلموا في وقت واحد. تعيشين صراعًا داخليًا بين رغبتك في أن يكون لكِ حبيب تأنسين به، ورغبة أهلك "إنك تتجوزي والسلام، المهم الناس متاكلش وشهم"، طبعًا عشان سيادتك عانس للأسف هذا هو توصيف حالتك بالظبط، ولسان حالك يقول "أنا لست عانس، أنا مش عاوزة أتجوز غير لما يكونلي كيان خاص بيّ، أنا حلوة وألف مين يتمناني".
هذا هو الظاهر يا حبيبتي، لكن بداخلك حلم الفستان الأبيض والكوشة، حلم أكبر من ذلك بكثييييير.. حلم البوسة والحضن، الحضن الذي تحلمين أن ترمي همومك وتغسلين به هموم الوحدة بدموعك، والبوسة التي طالما حلمتِ بها وأنتِ تشاهدين فيلم "تيتانك". ربما تصطنعين القوة لتغطي على ما تعيشينه من ألم، ربما لا تعلنينه سوى في جلساتك الخاصة مع صديقاتك من نفس حالتك، ربما أنتِ أضعف جدًا من ورقة تعوم على وجه بحر متلاطم الأمواج.. ربما تحنين ليد تضمك في الشتاء.. ربما وربما...
لا تكابري فالحياة أبسط من أن تعيشيها هكذا وسط كل هذه الضغوط في ظل كل هذا الاحتياج والمنع. لماذا لا تفتحين قلبك للحياة؟ ما المشكلة أن تكوني أول من يصارح بالحب؟ لماذا تنتظرين أن تكوني رد الفعل وليس الفعل ذاته؟ ما المانع من أن تخطفي من الحياة لحظات سعيدة حتى لو انتهت بالفشل أو انتهت نهاية غير متوقعة؟ فقط عيشي الحياة واذهبي إليها لتخطفيها، لا تنتظري أن تغرقك بهمومها، اصرخي علنًا في وجه الحياة، لا تجعليه صراخًا داخليًا فقط، اجعلي العالم كله يسمع صراخك، فأنت تستحقين أن تعيشي كما تريدين أنت، لا كما يريد الآخرون.. لا تنتظري أن يأتي الحب الذي تريدين، بل ابحثي عنه أنتِ، ابحثي عنه داخلك ولوني حياتك.