أين يذهب الحب؟!

860

بقلم/ العصماء محمد هاني

حلمت منذ صغري أن أقابل شريك حياتي في مكتبة، مشهد دراماتيكي نتصفح فيه رفوف الكتب، في خط متوازٍ على كلا الجانبين، تلتقي يدانا ونحن نلتقط الكتاب نفسه، كفيلم هوليودي بطلا قصته من تسعينيات القرن الماضي، يسيران تحت سماء نيويورك الخريفية، يقعان في الحب بسلاسة كأنهما يغطان في نوم عميق دون أي عناء.
ولكن القدر خطّ قصة أخرى، وتقابلنا في مدينة ملاهي!

في عامنا الرابع بعد الزواج، تمرعلينا الأيام ونحن ندعو الله ألا تقع فيها الكثير من الحوادث، تكفي الحوادث المعتادة من انسكاب المشروب وتسريب الحفاض والذهاب إلى التطعيم، وتغطية مقبس الكهرباء في اليوم خمسين مرة.. مرت الأعوام ونحن ننتظر بشغف التاسعة مساءً لينام الصغيران، فنصنع مشروبنا ونشاهد فيلمًا أو حلقة من مسلسل، فتمر أول خمس دقائق لأجدك تغط في نوم عميق على الأريكة، فأقول: “فين أيام زمان لما كنت تسهر للفجر عشان تكلمني!”. وعلى أي حال نشكر الأيام على منحها خمس دقائق نتذكر فيها محادثاتنا معًا في الزمن الغابر.

اليوم مليء بالكثير من الخمس دقائق الخاطفة، هناك الخمس دقائق التي أعد فيها السلطة والتي نتحدث فيها عن يومنا كيف كان، ثم يبدأ أحدهما بالصراخ.

خمس دقائق بعد أن وضعنا الطعام على المائدة، الجميع مستقر وهادئ، الكل متحمس لتناول الطعام وإنهاء صحنه. الدقيقة السادسة تبدأ ثورات رفض تلك الأشياء الغريبة التي وضعتها ماما في صحوننا.. هناك من ألقى الصحن على الأرض، وهناك من سحب المفرش، الحمد لله استطعنا إنقاذ السلطة!

خمس دقائق في القيادة نحو هدف ما، يبدو أنهما ينامان، هما هادئان عندما يتعلق الأمر بالسيارة، يا إلهي ما أجمل تلك اللحظة! لقد غفوا.. عزيزي ما أخبار أزمة الشرق الأوسط الحالية؟!

خمس دقائق حينما تغلي المياه في الصباح لنحتسي مشروبنا، قبل أن يشعرا أننا استيقظنا. ما رأيك بترحيل الخمس دقائق إلى عشر؟! وماذا إن كانت خمسة عشر؟ عشرون دقيقة جيدة، لا بأس بنصف ساعة!
التحايل على القانون مشروع في بعض الأحيان. أدِر التلفاز واتركهما هناك.

تعرفي على: قواعد الحب العشرة بين المحبين

الميزانية تحتاج إلى تخطيط، مرحبًا، هل هما صامتان؟ لنبدأ في عد النقود، حسنًا.. سأبكي الآن، أنا لست بخير وأحتاج إلى المساعدة، أحتاج إلى الذهاب إلى السينما حقًا!

خمس دقائق أخرى وهما يأكلان الشوكولاتة.
خمس دقائق مع اللعبة الجديدة التي ستنكسر فورًا.
خمس دقائق بعد شرب الحليب وانبثاق هرمون السعادة داخلهما.
خمس دقائق في اليوم قد تتكرر أو لا، كفيلة بجعلنا سعيدين، ربما لنتبادل كلمة “أحبك” سريعة أو ربما نظرتين صامتتين لا شيء فيهما إلا الكثير والكثير من الحب.

حسنًا.. علينا الآن أن نختار القياس الصحيح للحفاضات، خمس دقائق ونحن نتبادل الآراء حول الرقم المناسب.
يحتاجان إلى التغيير تباعًا الآن، لم ننهِ حديثنا عن أزمة الشرق الأوسط، ألن تساعدني؟! ستتباحث في الأمر؟ حسنًا سأنتظرك.

إذا ما دخل الزواج من الباب لا يهرب الحب من الشباك، بل ينمو وينضج بين أروقة التجارب وأزقة المراحل.
أين يذهب الحب بعد الزواج؟
بين ثنايا الخمس دقائق.
إذا دخل الزواج من الباب لا يهرب الحب من الشباك

المقالة السابقةكيف يمكن انهاء العلاقات العاطفية ؟ وما سبب فشلها؟
المقالة القادمةإلى فارس أحلامي المنتظر
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا