أمَّنلي بيت

1319


بقلم/ مارجو ونيس

فيه أغنية جميلة من تآليف وألحان زياد الرحباني اسمها “أمَّنلي بيت”.. بيقول  فيها “أمنلي بيت مطرح منَّك ساكن، مش همي يكون طابق مانو آمن”. يمكن الأغنية رومانسية لأن الكلام ده على لسان واحدة بتقول لحبيبها إنها مش هاممها المكان اللي هتسكن فيه حتى لو كان طابق مش آمن، قد ما هاممها إنها تكون معاه، لأن هو ده الأمان بالنسبة ليها. بس الكلام ده برضو نقدر نطبَّقه على كل العلاقات الإنسانية مش بس الرومانسية.

العلاقات، كل العلاقات الإنسانية معقدة. سواء كانت  حب أو صداقة، ولو كان حد سألني وأنا صغيرة: إيه أهم عنصر في أي علاقة إنسانية؟ كنت هقول الحب والاحترام المتبادل. بس لما كبرت عرفت إن فيه عنصر أهم كمان من دول، كتير قوي بنهمله، ويمكن بيكون هو ده السبب في فشل كتير من العلاقات في حياتنا.

العنصر ده هو الأمان، الإحساس بالأمان. إنك تكون حاسس إن فيه ولو علاقة واحدة في حياتك تقدر تكون متطمن فيها على نفسك، تقدر تكون نفسك من غير ما تخاف من الرفض أو الأحكام. تقدر تطمن إن إنت مهم ولا يمكن استبدالك بأي شخص تاني مهما حصل. تقدر تطمن إن الشخص ده مش هيتغير عليك في لحظة.

كتير قوي من العلاقات بيفشل، مش بسبب قلة الحب، لكن بسبب قلة الأمان.
قلة الأمان بيوصلك إنك تفقد الثقة في الشخص اللي قدامك. ممكن تكون لسة بتحبه بنفس المقدار، ممكن تكون سامحته فعلاً على أي حاجة عملها، لكن زي ما بيقولوا كل شيء فات بيسيب أثر، بيعدي الموقف وتخلص الحكاية وتتصالحوا وتسامحوا بعض، ويمكن الموقف نفسه يتنسي من الذاكرة، لكن ده بيسيب جوة قلبك إحساس بالخوف وثقة مكسورة. مع الوقت عدم الإحساس بالأمان بيتحول لعدم ثقة، وعدم الثقة بيوصلك لليأس، واليأس هو أسوأ المراحل اللي ممكن توصلها أي علاقة إنسانية.

إنك تيأس من اللي قدامك، يعني إنك تفقد الإحساس بأي شعور بالفرحة الكاملة أو الحقيقية وإنت معاه. إن حتى في أسعد اللحظات اللي المفروض تكون فيها أسعد إنسان على الأرض بتبقى مش قادر تفرح للآخر، لأن من جواك مش حاسس إنك متطمن، حاسس إن كل ده ممكن يتغير في لحظة، والشخص اللي كان مخليك طاير فوق السحاب من دقايق ممكن في لحظة يهد المعبد على اللي فيه، فرحتك مش كاملة لأن فيه جواك دايمًا سؤال: يا ترى الضربة الجاية هتيجي إمتى؟

بتوصل لليأس من كُتر الانتظار، انتظار كلمة حلوة متقالتش، انتظار رسالة  مجاتش، انتظار كلمة أنا أسف.  وفِي كل مرة بتنتظر وإنت عندك أمل إن المرة دي غير كل مرة، وفِي النهاية مبتلاقيش غير الخذلان زي كل مرة.

وساعات بعد انتظار طويل تلاقي الحاجات اللي إنت كنت مستنيها بتجيلك، بس بتجيلك متأخر، التوقيت مهم قوي في أي علاقة إنسانية. كلمة آسف لو اتأخرت بتفقد معناها وتفقد تأثيرها.
والمشكلة إنك بتكون ساعات واثق ومتأكد إن الصديق ده أو الصديقة دي بيحبوك فعلاً، وعشان كده إنت مش قادر تنهي علاقتك بيهم لأنك عارف إنهم بيحبوك، بس في نفس الوقت فشلوا في إنهم يخلوك تحس إنك متطمن وإنت معاهم.

عشان كده في دايرة علاقاتك مع أصدقائك وحبايبك حاول دايمًا إنك تحسسهم بالأمان، حسسهم إنهم مقبولين ومحبوبين مهما كانت ظروفهم أو حالتهم، اوعى تحسسهم في يوم إن فيه حد تاني ممكن يملا مكانهم في حياتك.
متخليهومش يستنوا كتير كلمة حلوة أو طبطبة أو اعتذار، عشان الانتظار الكتير بيقتل كل حاجة حلوة جواهم ويبدلها باليأس. متخليهومش يفقدوا الأمل فيك وتدبل فرحتهم وهما معاك وتبقى ناقصة رغم حبهم ليك.

 

مش همي يكون طابق مانو آمن

 

المقالة السابقةبيوت جميلة أم بيوت مريحة؟
المقالة القادمةإنتي مين من بطلات سابع جار؟
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا